اربع واربعون عاما.. اخدود في ذاكرة التاريخ

 يوم ليس مثله يوم بالنسبة لي... من كل تاريخ

حفر في ذاكرتي اخدودا لن تندمل قروحه... في أي تاريخ

قد تتيه الذاكرة عن ...تاريخ وتاريخ وتاريخ

هموم والآم، احزان وآمال عله ... ينسي ذلك التاريخ

ولكنه أبدا سيبقى عنوانا.. يخلد في التاريخ ...  فوق كل تاريخ

تاريخ لن يأخذ مكانه أو يعلو عليه ... أي  تاريخ

                              ***

وعندما نتحدث عن التاريخ

نعي أن لا حياة لأمة بلا تاريخ..

ولا مستقبل لجماعة بلا تاريخ..

ولا اعتبار لقوم بلا تاريخ..

ولا وجود لحضارة بلا تاريخ..

ولا عبرة في الحياة بلا تاريخ..

                       ***

حتى حساب الخلق في غد هو تجسيد للتاريخ..

اقْرَأْ كِتَابَكَ .. هذا ما دونه لك التاريخ..

مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً .. هذا هو التاريخ

وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا .. هذه نتاج تاريخ..

وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا .. هذه خلاصة التاريخ

                                      ***

منذ بضعة اسابيع تلقيت اتصالا من أخ عزيز جمعتنا معا محطات من ذاك التاريخ..

سألني عبر الهاتف وهو يرغب في توثيق بعض ما يكتب من مذكرات وخواطر عن صفحات عشناها من ذلك التاريخ ..

وهو يعيد كتابة بعض مذكراته وخواطره عن تلك الحقبة من التاريخ..

قال لي..  هل يمكن أن تبعث أحدا الى الجبانة ( المقبرة)  ليقرأ عن قبر أول شهيدة في أنصار الشهيدة ام فهد ويخبرنا عن استشهادها في أي تاريخ؟

أجبته بلا تردد ..  إنه الثلاثون من شهر أيلول من عام 1976 ذاك هو التاريخ..

سألني ثانية إذن.. وهل تعرف استشهاد فاطمة وأبي سامي بأي تاريخ؟.

وكان جوابي .. انه يوم السبت الثاني عشر من شهر أيلول من عام 1981 هو ذاك التاريخ ..

ما شاء الله .. قال معلقا .. إن لديك ذاكرة تحفظ فيها احداث التاريخ..

أجبته .. وهل يمكنني نسيان هذا التاريخ ..

إنه الاخدود المحفور في ذاكرة الزمن رغم بعد التاريخ ..

حفر جرحا عميقا لا يندمل مهما تقادم التاريخ.

                                      ***

اليوم وبعد صلاة الفجر دونت هذه الخاطرة وأنا استحضر كل ذاك التاريخ..

وقد سالت من عيناي قطرات من الدمع كما في كل عام من هذا التاريخ.

نظرت الى صورة فاطمة الموضوعة في احد اركان مكتبتي والتي تطغى على كل تاريخ ..

توقفت عن الكتابة لأذهب الى الجبانة وأقضي هناك ساعة أعيش فيها مع التاريخ..

هذا قبر فاطمة .. وقد أزلت ما عليه من ورق الشجر،  وهذه قبور من انتقل الى جوارها من الاهل والاحبة وآخرهم والدتي، فقد صاروا هم التاريخ ..

قرأت سورة آل عمران التي تحمل الكثير من عبر التاريخ..

وعدت امسح دموعي لأنشر مع خاطرتي لهذا اليوم ولأول مرة صورة لفاطمة محفورة على حجر صخري صغير حفرتها في ذاك التاريخ

في معتقل أنصار في أيام الاحتلال في ذكراها الثالثة في ذاك التاريخ..

حيث كانت صناعة التاريخ..

                              لا حياة لأمة بلا تاريخ

        وللحديث صلة..                                  الفاتحة..

              مصطفى مصري العاملي             

    انصار في   الثاني عشر من  شهر أيلول من عام 2024