ولعمتي مع صلاة الليل حكاية...
أرخى الليل سدوله.. وغابت نجومه عن هذه الليلة ، وقد اختفى فيها القمر .. برودة الطقس في هذه الأيام من هذا العام لا تكفيها مدفأة تخفف من أثر جليد الصقيع البارد المصحوب بالمطر منذ مساء امس..
بل يحتاج المرء الى مزيد من الثياب الشتوية كي يشعر بشيء من الدفئ.
كان الله في عون الكثيرين من الناس ممن لا يستشعرون الدفيء في هذه الأيام الصعبة والقاسية ممن لا يتمكنون من تحصيل قوتهم، فكيف لهم أن يحصلوا على مستلزمات التدفئة من مازوت وغاز او حتى من حطب.
بعد أن أنهيت صلاتي المغرب والعشاء لهذا اليوم كان عليّ أن أتبعهما بصلاة الهدية أو كما تسمى أيضا بصلاة الوحشة..
وهل تكون الصلاة هدية ؟ والى من يمكن ارسال مثل هذه الهدايا ؟
نعم.. صلاة الهدية هي اقصى ما يمكن ان نبعثه نحن الاحياء الى من يسبقنا في رحلة الخلود، كما هو الحال في هذه الليلة مع عمتي الراحلة ( ام جودت) فصلاة الهدية تصلها الى قبرها في ليلتها الأولى هذه.
لقد اوصلنا عمتي الى مثواها الأخير في عالمنا المادي قبيل ظهر اليوم في جبانة البابلية واودعناها قبرا مجاورا لقبر ابنها الشهيد محمد ريحان الذي مضى على رحيله خمس وثلاثون سنة وبضعة أيام، فهذا ما كانت تتمناه.
لقد أدى والدي الصلاة عليها رغم انه ومنذ سنتين وبعد اشتداد الجائحة التي لا تزال تفتك بالبشرية شرقا وغربا، فإنه قلما يذهب للمشاركة في مناسبة عامة، فلم يكن من الممكن ان يتخلف عن تشييع شقيقته مهما كانت الظروف، وشاركه الكثيرون من المحبين رغم المطر المنهمر الذي لم يتوقف.
طالما كانت عمتي توصيني بأن أحضر لها تربة او مسبحة من تراب كربلاء.. واما اليوم وعندما انزلناها الى لحدها فقد ناولت ابن اخيها قطعة وضعت تحت وسادتها وفيها شيء من تراب الحسين (ع) من كربلاء..