حجم الخط:

اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ( الحلقة الاولى)

اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ( الحلقة الاولى)

شاهد الفيديو


الحلقة الأولى من برنامج "أئمة الهدى"

تاريخ: 25-4-2012

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين.

في البدء، نعزي صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ومراجع الدين العظام، والأمة الإسلامية، بل البشرية جمعاء، بذكرى استشهاد الصديقة الكبرى، بضعة الرسول صلى الله عليه وآله، الزهراء البتول سلام الله عليها. رزقنا الله وإياكم محبتها واتباعها في الدنيا، وشفاعتها في الآخرة.

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ (سورة النساء، الآية 59).

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض".

أمر القرآن الكريم بإطاعة الله، وإطاعة رسوله، وأولي الأمر.

  • من هم الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله؟
  • هل أنهم كل من وصل إلى السلطة؟ هل أنهم كل من ورث سلطة؟
  • هل أنهم من دسّ الدسائس ليكسب سلطة؟ هل أنهم من ارتكبوا الجرائم ليستولوا على السلطة؟ هل أنهم من سفكوا الدماء لينالوا سلطة؟
  • أم أنهم أعدل الخلق، وأفضل الخلق، وأكمل الخلق، وأعرف الخلق، وأعلم الخلق، وصفوة الخلق بعد النبي صلى الله عليه وآله؟ وأنهم أئمة اختارهم الله تعالى؟
  • من هم هؤلاء؟ ما هي صفاتهم؟ ما هي علاماتهم؟ ما هي أسماؤهم؟
  • كيف لنا أن نعرفهم؟ كيف لنا أن نحددهم؟ كيف لنا أن نستدل عليهم؟ كيف لنا أن نتيقن من حقيقتهم؟
  • ألسنا نعتقد بأن الله القدير هو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين، وأن الله لا يظلم أحداً؟ ألسنا نعتقد أن الأنبياء هم رسل الهداية من الله للبشر؟

السلام عليكم مشاهدينا الأكارم ورحمة الله وبركاته. أحييكم أطيب تحية في لقائنا الأول مع برنامج "أئمة الهدى"، والذي نبدأ فيه معكم رحلة من البحث والنقاش والتمحيص والاستدلال العلمي والموضوعي. فنستعرض الآيات الكريمة التي وردت في حق أهل البيت عليهم السلام، ونبحث في دلالاتها ومعانيها. ولا يفوتنا أن نتناول عدداً من الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة التي تأمر بالتمسك بأهل البيت عليه السلام، وتُبين مكانتهم، وأن نقف عند أهم مطالبها.

وأهلاً ومرحباً بكم سماحة الشيخ ضيفاً عزيزاً على قناتكم، قناة كربلاء الفضائية.

الشيخ: أهلاً وسهلاً بكم، حفظكم الله ورعاكم، وسدد خطاكم، وأخذ بيدكم لما يحب ويرضى.

المقدم: أهلاً ومرحباً بكم، حياكم الله سماحة الشيخ. نبدأ الحديث، سماحة الشيخ، طبعاً أسئلتنا لهذه الحلقة التي طرحناها في المقدمة، بل لهذا البرنامج في جميع حلقاته، كانت في هذه المقدمة. نبدأ معكم من الفقرة الأولى: أمر القرآن الكريم بإطاعة الله وإطاعة رسوله وأولي الأمر. لننطلق من هذه الآية المباركة لبرنامجنا "أئمة الهدى". والحديث معكم سماحة الشيخ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خير رسله وأعز أنبيائه، سيدنا ونبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

السلام عليكم أيها الأحباء الكرام من جوار الضريح الطاهر لسيد الشهداء أبي الأحرار، سيد شباب أهل الجنة، الحسين بن علي عليهما السلام، الذي قال فيه جده المصطفى: "حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً".

في هذا اليوم الذي يصادف على رواية ذكرى شهادة سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء عليه السلام، الحوراء الإنسية، التي قال فيها أبوها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فاطمة بضعة مني وأنا منها، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله".

نحن في هذه المناسبة وانسجاماً مع موضوع برنامجنا أخي الكريم، نستذكرها واقفةً في محفل من المهاجرين والأنصار ومعها الحسن والحسين وبعض نسوتها، متحدثةً عن ذلك قائلةً: "فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكيةً للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحج تشييداً للدين، والعدل تنسيقاً للقلوب، وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً للفرقة".

أخي الكريم، بما أن السؤال الذي تفضلت به يرتبط بأمر وارد في القرآن الكريم، فقد ابتدأت الحديث بالآية الكريمة: ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾. فلا بد لنا في هذا البحث من أن نؤسس في حديثنا لأسس ترتكز على فهمنا لدور القرآن الكريم، دور القرآن الكريم في حياتنا، كيف نفهمه؟ وفي عقيدتنا، ما هي عقيدتنا في القرآن الكريم؟

لأنك عندما تتحدث مع إنسان انطلاقاً من آية قرآنية كريمة، فلا بد من أن تحدد كيف تفهم مدلول القرآن الكريم، ومن أين تأخذ معاني القرآن الكريم. وبالتالي، لا بد حينئذ من أن ننطلق من هذا البعد العقائدي في فهمنا لدور القرآن الكريم ولما تعنيه لنا أوامره، انطلاقاً من ماذا؟ من كونه كتاب الله تعالى الذي ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾.

وهنا بمعنى الحديث عن القرآن الكريم نستحضر قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وفي آية أخرى تحمل نفس المعنى، بعد أن يتضح لنا أن الهداية هي نعمة من نعم الله الكبرى التي أنعم الله تعالى بها على الإنسان، نجد الآية الكريمة التالية تقول: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾، ثم يقول عز وجل: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾.

المقدم: هنا سماحة الشيخ نتوقف عند الآية المباركة، ما هي حقيقة النعمة؟

الشيخ: هنا حقيقة النعمة التي تشير إليها الآية الكريمة: ﴿أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ والآية الأولى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾. في الحقيقة، لكي نفهم حقيقة النعمة التي نريد أن نتعرف عليها من خلال هذه الآية الكريمة كمقدمة لفهم تلك الأسس، تتضح لنا معالم ذلك من خلال ما رواه جابر وابن عباس.

أمامنا رواية ينقلها ابن عباس، حبر الأمة، من أن أبي بن كعب قرأ عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم الآية الكريمة: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾. ما الذي حصل؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوم عنده وفيهم، تذكر الرواية عدداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا جالسين عندما قرأت هذه الآية، منهم وفيهم أبو بكر، وعبيدة، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن. فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "قولوا الآن ما أول نعمة غرسكم الله بها وبلاكم بها؟" ما هي النعمة التي تنظرون إلى أن الله تعالى قد أنعمها عليكم؟

فخاضوا، نص الرواية يقول: "فخاضوا من المعاش، أمور معيشتهم، والرياش، ما عندهم من ثياب وغيرها، والذرية والأزواج". يعني كل واحد صار يستذكر ما يعتبره من نعم الله عليه من هذه الأمور.

المقدم: يعني سماحة الشيخ، توجهوا إلى النعم المادية..

الشيخ: نعم، أحسنت، توجهوا إلى الأمور المادية.

فلما أمسكوا، يعني بعد أن انتهوا من الحديث، التفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى من؟ إلى علي بن أبي طالب عليه السلام. فقال: "يا أبا الحسن، قد سمعنا ما قال الآخرون، قل أنت". فقال عليه السلام، وهنا ننظر إلى عمق المعاني التي يتفوه بها أمير المؤمنين عليه السلام: "إن الله خلقني ولم أكُ شيئاً مذكوراً".

أول واحدة من هذه الأمور هي نعمة الوجود، أن الله تعالى أنعم على كل إنسان موجود في هذه الحياة بنعمة الوجود. ثم قال عليه السلام: "وَأَنْ أَحْسَنَ بِي فَجَعَلَنِي حَيًّا لَا مَوَاتًا". الإنسان هو مخلوق مكرم عند الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾.

هناك مخلوقات كثيرة في عالم الكون، في عالم الوجود، جماد لا حركة لها بلحاظنا، كلٌ له حالته الخاصة. فهنا علي عليه السلام يقول: "أحسن بي فجعلني حياً لا مواتاً". ثم يقول (يذكر) عنواناً آخر: "وأن أنشأني". نلاحظ مسألة نمو الإنسان ومراحل حياته، وتنقله من حال إلى حال، ومن عالم إلى عالم، من عالم الذر إلى عالم الأرحام إلى عالم الوجود الخارجي. "فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب".

ثم ينطلق عليه السلام لإعطاء صورة أخرى عن صور النعم الإلهية يقول: "وَأَنْ جَعَلَنِي مُتَفَكِّرًا وَاعِيًا لَا أَبْلَهَ سَاهِيًا". وهنا نلاحظ إشارة لعلي عليه السلام إلى مصاديق المجتمع بين إنسان متفكر واع؛ لأن كلمة الوعي هي تقييد لكلمة التفكر. قد تجد إنساناً متفكراً ولكنه ليس واعياً. "متفكراً واعياً لا أبلها ساهياً".

ثم يقول عليه السلام: "وأن جعل لي شواعراً أدرك بها ما ابتغيت". يعني أعطاه نعمة الاختيار، فنجد أن الإنسان في هذه الحياة منح من الله تعالى القدرة على الاختيار. ثم يقول عليه السلام: "وَجَعَلَ فِيَّ سِرَاجًا مُنِيرًا". ويعقب على ذلك بالقول: "وأن هداني لدينه".

هنا لا نزال ضمن عناوين النعم التي يذكرها عليه السلام، ولكن في المحور الأول الذي استعرضناه يذكر عليه السلام أموراً ترتبط بالصفات التكوينية للإنسان، من وجود، من مشاعر، من تفكير إلى آخره.. ثم هنا يشير إلى مسألة أخرى: "هداني لدينه وَلَنْ يُضِلَّنِي عَنْ سَبِيلِهِ". في هذا إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾. هو الذي ﴿بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾.

في هذه الفقرة التالية، علي عليه السلام ينتقل إلى عالم آخر خارج عالمنا الذي نعيشه: "وأن جعل لي مرداً في حياة لا انقطاع لها". وهنا يشير إلى الخلود الأبدي. ثم يقول: "وأن جعلني ملكاً مالكاً لا مملوكاً". وينتقل إلى عالم الدنيا فيقول: "وأن سخر لي سماءه وأرضه وما فيها وما بينهما من خلقه".

وعلي عليه السلام يستكمل هذه العبارات، وفي كل كلمة يقولها يقول له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "صدقت، فما بعد هذا؟" النبي وكأنه يريد من علي عليه السلام أن يبين شيئاً ما بعد هذا.

قال علي عليه السلام: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: "ليهنئك الحكمة، ليهنئك العلم يا أبا الحسن، أنت وارث علمي والمبين لأمتي ما اختلفت فيه من بعدي".

المقدم: أحسنتم سماحة الشيخ. سماحة الشيخ، إلى أين يأخذنا هذا الحديث لأمير المؤمنين سلام الله عليه أولاً؟ وما هي العلاقة بين هذا الحديث وبين الآية والرواية التي بدأنا فيها الحديث وبدأنا فيها البرنامج؟

الشيخ: جميل. في الواقع، أحببت أنا أن أبدأ بهذا الحديث الذي ذكرناه، بعد أن فتحت بالتساؤلات التي ذكرتها ببداية البرنامج أبواباً للبحث والنقاش والتحليل والتدقيق والتمحيص والاستدلال من خلال تلك التساؤلات التي طرحتها بعد أن ذكرت الآية الكريمة والحديث النبوي الشريف.

وهنا أود أن أقول إن هذه الآية والحديث تجمع فيها على اختصارها قصة الحياة. ما ذكرناه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام الذي يبين حقيقة النعمة، يدخل في هذا الإطار. هذه الآية فيها قصة الحياة، قصة الوجود، قصة الجنس البشري على هذا الكوكب وما بعد هذا الكوكب بما يرتبط بعالم الآخرة. فترتسم من خلال هذه الصور لوحة استفهامية كبيرة عرجت في عدد من فقراتها إلى تلك التساؤلات، تحمل كل تلك التساؤلات بل وتزيد عليها.

ومن هذا المحور، يعني محور حديثنا الذي ذكرناه عن علي عليه السلام، سنلج وإياكم في دروب البحث الذي نريد أن نصل من خلالها والمستمعين الكرام إلى الإجابات الشافية الوافية التي يستنبطها ويصل إليها ويدركها ويتحسسها المشاهد الكريم قبل أن نجيب عليها بصيغة أجوبة الأسئلة.

المقدم: نعم، إذن جميل سماحة الشيخ. لنتوقف عند قول أمير المؤمنين سلام الله عليه، عند بعض الفقرات التي تفضلتم بها.

الشيخ: نعم لا بأس، نتوقف عندها قليلاً. مثلاً قال علي عليه السلام: "خلقني ولم أكُ شيئاً". ما ربطها بالنعمة عندما نقول: "خلقني ولم أكُ شيئاً"؟

في الواقع، هنا يشير إلى ما أشرت إليه بإيجاز في سياق الكلام، من أن هذا من مصاديق النعمة الكبرى على الإنسان ألا وهي نعمة الوجود؛ لأن الوجود يقابله العدم. والذي يكون معدوماً لا وجود له فلا يمكن أن يتصف بأنه لديه نعمة من النعم. فالوجود الذي منحه الله تعالى للإنسان هو نعمة من النعم، وبالتالي هنا يأخذنا الكلام في سياق هذه العبارة عندما تحدث أمير المؤمنين عليه السلام عن نعمة الوجود ليطرح سؤالاً في عرض هذا الكلام: هل أن إيجادنا من قبل الله تعالى هو إيجاد عبثي؟ هل له غاية؟ أو ليست له غاية؟ لأن سياق الكلام في الآية الكريمة التي تلوتها في بداية الحديث فيها خطاب وفيها أمر وفيها مجموعة دلالات. فهنا نفس النعمة التي قلنا عنها إنها نعمة الوجود، هل هو وجود عبثي؟

يأتينا الجواب من قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾. أيها الإنسان الذي تستشعر نفسك إنساناً قوياً في هذه الحياة، سُخِّرت لك ما في السماوات والأرض، أنت تطير، أنت تستخرج المعادن من الأرض، أنت تكسب الكثير من الأشياء، هل أن هذه الخلقة التي خلقك الله إياها، وهذا الإيجاد الذي أوجدك الله به، هل هو أمرٌ عبثي؟ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾.

إذن هناك هدفٌ يرتبط بذاك العنوان الذي ذكرناه، وهو النعمة. هنا يمكن أن يُطرح أيضاً بهذا السياق سؤالٌ وهو أنك أيها الإنسان، هل تريد أن تعرف الهدف من هذه الخلقة؟ يعني ليس عبثياً. إن لم يكن إيجادنا عبثياً، فلا بد إذن من هدف محدد، ما هو هذا الهدف؟

تعال معي لنقرأ قوله تعالى في كتابه الكريم عندما يقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. إذن هنا نجد أن الله تعالى هو المتكلم: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ﴾. الجن هي مخلوقات أخرى، والإنس هم بنو آدم، ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. والمقصود بالعبادة هي الطاعة. وهذا يربطنا بموضوع الآية الكريمة التي أشرنا إليها.

المقدم: يعني هنا في سماحة الشيخ، إذا تسمح لي أقاطعكم في ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، توجد بعض الروايات عن أهل البيت سلام الله عليهم تقول: "إلا ليعرفون الله"، يعني يربط العبادة بالمعرفة.

الشيخ: بالطبع، عندما نتحدث عن مسألة العبادة، العبادة لها عدة مصاديق وعدة معاني، ولكن بمعناها الأعم هي عملية الانقياد، والطاعة المطلقة لله تعالى. عندما نقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ بلحاظ انقياد هذه المخلوقات لله، والمقصود بالانقياد هنا الجانب الاختياري. لأن للإنسان جانبان في وجوده وفي تكوينه: جانب ليس له قدرة الاختيار به، وجانب يخضع به الإنسان لإرادته، بمعنى أنه يمارس الأمور التي يريدها.

الله تعالى لا ينظر بهذه المسألة إلى الأمور التكوينية، يعني خلقني وإياك مثلاً ذكراً، خلق مخلوقات أخرى، خلق إناثاً، خلقني وإياك ضمن صفات معينة، خلق آخرين ضمن صفات، هذه أمور لا دخل لنا بها، ولكن هناك أمور أخرى مرتبطة بواقع حياتنا عندما نكون مالكين للاختيار، لدينا القدرة. وبالتالي، يريد الله تعالى من خلال انقيادنا له في ذلك أن نحقق العبودية المطلقة، والتي يدخل في إطار الحديث عنها بعض الصور التي تربطنا بالانقياد الحقيقي. الانقياد الحقيقي لمن؟ لمن يريد الله تعالى منا أن ننقاد إليهم، فإن كان هناك انقياد منا لمن لا يريد الله منا أن ننقاد إليهم، فمعنى ذلك أننا لسنا منقادين لله تعالى ولا تتحقق العبودية.

انقيادنا لمن أمر الله بطاعتهم تجسيد للعبودية التي يريدها الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. هنا نلاحظ مسألة مهمة أنه أمام هذه الآية ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، مع وجود عنصر الاختيار للبشر، نجد أن هناك انقساماً بين هذه المخلوقات، انقساماً عمودياً في التاريخ.

المقدم: سماحة الشيخ، إذا تسمح لي، نذهب إلى فاصل إن شاء الله، ونعود لإكمال هذا البحث المهم والشيق.

فاصل إعلاني

المقدم: نرحب بكم مشاهدينا الأعزاء مرة أخرى، ونرحب بضيفنا الكريم سماحة الشيخ مصطفى محمد مصري العاملي.

الشيخ: أهلاً وسهلاً بكم أخي العزيز.

المقدم: حياكم الله سماحة الشيخ. تحدثتم قبل الفاصل عن الانقسام العمودي في التاريخ، ربطاً طبعاً بآية العبادة، نعم تفضلوا إكمال الحديث.

الشيخ: أمامنا آية قرآنية كريمة تقول: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ﴾. نحن في الآيات الأخرى، في الآيات السابقة في المحور السابق، تحدثنا عن هدف الخلقة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. صحيح. هنا يقول عز وجل: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾.

هنا ارتسم معلم الانقسام، مخلوقات خلقها الله تعالى تعبده، ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾، هم الملائكة. هناك صفة مشتركة بين عالم الجن وعالم الملائكة بلحاظ شفافية الجسم. إبليس كان من الجن، كما تقول الآية القرآنية الأخرى: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾. ﴿فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾، ماذا يعني؟ يعني خرج عن أمر ربه. لذا، عندما نقول عن إنسان نستعمل كلمة "فاسق"، ماذا تعني الفاسق؟ يعني أنه مخالف لأمر الله تعالى، يرتكب المعاصي ونسميه فاسقاً. ﴿فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾.

المقدم: هنا سماحة الشيخ أيضاً في آية أخرى، يعني مضمون الآية يقول عندما يتحدث عن الملائكة: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾، كأنما يستفاد أنه من الملائكة.

الشيخ: قلت إن هناك عنصراً شبه معيناً بلحاظ تلك الأجسام. إبليس كان يعبد الله تعالى مع الملائكة، وكان بعض الملائكة يظنونه منهم لوجود عناصر مشتركة كما قلت، ولكن الفارق بين جنس الملائكة وعالم الجن أن عالم الجن له صفة اشتراك مع الملائكة وله صفة اشتراك مع بني آدم. صفة الاشتراك مع الملائكة بلحاظ تركيبته الجسمانية وبلحاظ المادة ليست كمادة الجسم البشري. هناك عنصر شبه، يعني المادة الشفافة. فبهذا اللحاظ ظن بعض الملائكة أن إبليس منهم.

ومن ناحية أخرى، الجن له الصفة التي أعطاها الله سبحانه وتعالى للناس ألا وهي الاختيار. الملائكة مسيَّرون لما خُلِقوا له، صحيح ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾، لكنهم خُلِقوا لمهمة وهم مُلتزمون بها. هنا اعتبار الجن والأنس مُكلَّفون. فالجن والإنس لهم عنصر اشتراك بلحاظ أن التكليف لهم ليس من باب الإجبار بل تُرِك لهم الاختيار.

أمرهم الله تعالى بشيء، بين لهم ما يريد وبين لهم ما حرم عليهم، بين لهم كل تلك الأمور، وبالتالي منحهم قدرة الاختيار بين من يفعل الفعل الواجب امتثالاً لأمر الله، وبين من يترك الفعل الواجب وبذلك يعصي الله تعالى، وكذلك العكس. هذه صفة مشتركة بين الإنس والجن.

إبليس الذي كان يعبد الله تعالى مع الملائكة في مرحلة من المراحل، عندما خلق الله تعالى آدم ﴿وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ﴾، وهنا كما أشارت الآية الكريمة: ﴿ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾. إبليس ليس من الملائكة ولكنه كان مع الملائكة. هذا وجه السؤال الذي تفضلتم به بين... فهو كان مع الملائكة، وليس من جنس الملائكة، لم يكن من الساجدين. عندما تمرد إبليس ولم يسجد لله، فارتسم هذان الخطان في تاريخ البشرية: خط يستجيب للأمر الإلهي، وخط يخالف الأمر الإلهي.

من يستجيب للأمر الإلهي يمتثل كل أمر أمره الله تعالى به، ومن هنا بدأ الصراع بين الحق والباطل، فارتسمت تلك المعادلة بحيث أنه كان هناك أُناس من البشر فيما بعد التزموا بما أمر الله تعالى به، وهناك آخرون تمرّدوا على ما أمر الله به. فالأمر الإلهي استجاب له بعض وخالفه آخرون.

المقدم: نعم سماحة الشيخ، لنعد إلى قول أمير المؤمنين... ما زلنا في قول أمير المؤمنين سلام الله عليه في محضر رسول الله صلى الله عليه وآله وبعض الصحابة، قوله سلام الله عليه: "وَجَعَلَنِي مُتَفَكِّرًا وَاعِيًا لَا أَبْلَهَ سَاهِيًا". إلى أين تأخذنا هذه العبارة من كلامه عليه السلام؟ وما ربطها بكتاب الله؟

الشيخ: هناك جانبان. الجانب الأول تدخل في إطار النعم التي أنعم الله تعالى بها على الإنسان، وهذه التي أشرت إليها قبل قليل بأنها ضمن الخط العمودي الذي ارتسم عبر التاريخ منذ بدء الخليقة لأناس يلتزمون بأمر الله، وبالتالي هذه القدرة التي منحت للإنسان تؤهله لأن ينال المراتب العليا فيما لو أحسن استخدام هذه المنحة.

النعمة الإلهية التي أنعم الله تعالى بها عليه وربطها بالقرآن الكريم في محور حديثنا هو في قوله تعالى الذي نجده في الآية الكريمة التي تقول: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾. إذن هنا مرحلة أولى، إشارة إلى مجموعة من الناس، مجموعة من المخلوقات يذكرون الله في كل حالة من حالات حياتهم ووجودهم، قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم. وهنا نصل إلى الفقرة التي أشار إليها أمير المؤمنين عليه السلام: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. الفكر، فكر الإنسان له إطار واسع جداً، له مجال نحو الفضاء، نحو كل المخلوقات، فتجد للإنسان قدرة على أن يتجاوز دائرة جسمه المحدود، كل واحد منا له إطار جسماني محدد، ولكن الإطار الفكري الذي منحه الله تعالى للإنسان له إطار واسع. ولذا نجد في آية أخرى: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.

في آية أخرى يقول عز وجل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾. هذا نتيجة ماذا؟ نتيجة تفكر، يعني من يتفكر بعظمة الله، بمخلوقات الله، بما منحه الله تعالى إياه، سواء كان بلحاظ العالم الفسيح أو بلحاظ الجسم المحدود للإنسان. فهؤلاء الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. إلى أن يصلون؟ يصلون إلى أن يختاروا طريقاً معيناً يوصلهم إلى مرضات الله تعالى من خلال ما يختارونه من امتثال أوامر الله ونواهيه، الامتثال للأوامر والانتهاء عن النواهي. إذن في هذا السياق، لا بد من أن نفكر بوعي لكي نصل إلى تلك الغاية المرجوة.

المقدم: سماحة الشيخ، عود على بدء، والآية القرآنية التي ذكرتم أن فيها قصة الحياة، لماذا قال الله تعالى في الآية المباركة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ولم يقل شيئاً آخر؟

الشيخ: أخي الكريم، هذا التساؤل يأخذنا إلى بحث مهم جداً يرتبط بما ورد في القرآن الكريم. في القرآن الكريم هناك خطاب إلهي، وهذا الخطاب الإلهي نجده على أقسام: هناك خطاب مباشر وهناك خطاب بالواسطة. الخطاب المباشر عندما يخاطب الله تعالى شرائح من المخلوقات يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ مثلاً، هذا خطاب مباشر في القرآن الكريم.

هناك خطاب بالواسطة، خطاب بالواسطة يوجه فيه الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾، ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. إذاً هناك نموذجان من الخطابات الإلهية في القرآن الكريم.

ما أود أن أشير إليه أن هناك خطاب مباشر من الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ بخطاب مباشرة. مثلاً، نجد في بعض الآيات القرآنية يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ إلى آخر الآية. نجد أن مضمون الآية ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ هو فيه إشارة لجميع البشر، يعني ليس خطاباً موجهاً إلى شريحة معينة من البشر. عندما يقول ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ بالمقابل هناك خطاب يكون مخصصاً لشريحة معينة من الناس، مثل هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ لأن الخطاب عندما يقول لهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، مضمون الخطاب يكون متفرعاً عن الإيمان؛ لأنه لا معنى لأن يخاطب أناساً عن مسألة كمسألة الخلق: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾.

مسألة مجردة عن مسألة الإيمان وعدم الإيمان. أيها الناس فكروا بمثل هذه المسائل يوجه لهم هذا الخطاب، ولكن في مسألة الذي يكون فيها الخطاب مخصصاً لشريحة معينة لا بد من أن يكون هناك تأسيس. فهنا يقول...

المقدم: سماحة الشيخ، بقي لدينا لاختتام البرنامج حدود دقيقتين أو أقل.

الشيخ: هنا أود أن أقول في هذه العجالة ونحن في نهاية هذا الحديث، أن الأوامر الإلهية التي منها هذه الآية: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ هي خطاب لشريحة من الناس هم الذين آمنوا، والإيمان عندما يكون أصلاً في خطاب الله تعالى فلا بد من أن تكون له الدلالات. وفي هذه الآية الكريمة، أود أن أشير إلى نكتة مهمة في سياق الآية ألا وهي أنه لدينا حوالي عشر آيات في القرآن الكريم قال الله تعالى فيها: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾. وهذه سنستعرضها إن شاء الله في حلقة قادمة، ولكن آية واحدة هي التي قال فيها: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾. إذن هناك خصوصية لهذه الآية التاسعة والخمسون من سورة النساء، هناك خصوصية معينة لهذه الآية، هذه ما نتحدث عنها إن شاء الله في الحلقات القادمة.

المقدم: في نهاية اللقاء طبعاً نشكر سماحة الشيخ مصطفى محمد مصري العاملي على هذه الإثارات والتوضيحات، وأشكر لكم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة. طبعاً نجدد العزاء بمصاب الزهراء البتول سلام الله عليها. اللهم إنا نسألك بحق الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقنا محبتهم وطاعتهم في الدنيا وشفاعتهم في الآخرة. نلتقيكم مشاهدين الكرام إن شاء الله تعالى في نفس هذا الموعد من الأسبوع القادم مع حلقة ثانية نتابع فيها هذا البحث الشيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

طباعة
2015/03/21
8,950
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!