محاضرة المرجع الوحيد في ذكرى شهادة الامام الصادق عليه السلام
حوَّل شيخنا الوحيد الخراساني بحثه اليومي يوم امس في ذكرى شهادة ( رئيس المذهب ) الامام الصادق الى محاضرة قيمة استهلها برواية نقلها ابو حمزة الثمالي عن الامام علي بن الحسين زين العابدين في حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
قال رسول الله ص: في الجنة ثلاث درجات، و في النار ثلاث دركات،
فأعلى درجات الجنة: لمن أحبنا بقلبه، و نصرنا بلسانه، و يده.
و في الدرجة الثانية: من أحبنا بقلبه، و نصرنا بلسانه.
و في الدرجة الثالثة: من أحبنا بقلبه.
و في أسفل درك من النار: من أبغضنا بقلبه، و أعان علينا بلسانه، و يده.
و في الدرك الثانية من النار: من أبغضنا بقلبه، و أعان علينا بلسانه.
و في الدرك الثالثة من النار من أبغضنا بقلبه.
وبعد أن نقل هذا الحديث: أشار الى أن النعمة الكبرى هي لمن يصل الى الدرجة الاولى ليكون في أعلى عليين من خلال المحبة القلبية ، والنصرة باللسان واليد.
ومن لا يصل الى هذه المرتبة العالية فإنه سيعيش الحسرة، كما يقول تعالى:
وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ.
ويوم الحسرة ليس مختصا بمن يدخل النار من الكفار والمعاندين ، بل يشمل أهل الجنة أيضا، لأن من يصل الى مرتبة يتحسر على عدم وصوله الى مرتبة أعلى، وهذه هي الحسرة الكبرى.
خاصة إذا عرفنا أن بين الدرجة والدرجة ملايين السنين النورانية، علما أن سرعة الضوء في الثانية هي 300 الف فرسخ.
و َلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ.
فمن أحبهم بقلبه ، ونصرهم بلسانه، ويده فهو معهم في مرتبتهم كما ورد في الاحاديث المعتبرة.
ثم تطرأ في محاضرته الى الحديث عن الامام الصادق عليه السلام الذي عاش فيه عصر تجسدت فيه اقصى درجات الشدة ، حيث كان اولاد النبي(ص) يقتلون بأن يتم وضعهم في البناء وهم أحياء في المنصور الدوانيقي ، وذكر بأن جميع المسلمين من شيعة وسنة حتى أكثر الناس انتقادا لشيعة أهل البيت عليهم السلام ، أقروا بمكانة وفضيلة جعفر بن محمد الصادق.
فنجد الدهري ( الملحد )ابن ابي العوجاء يخاطب ابن المقفع في حديث- يقصد به الامام الصادق - قائلا: وَيْلَكَ يَا ابْنَ الْمُقَفَّعِ مَا هَذَا بِبَشَرٍ وَ إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا رُوحَانِيٌّ يَتَجَسَّدُ إِذَا شَاءَ ظَاهِراً وَ يَتَرَوَّحُ إِذَا شَاءَ بَاطِناً فَهُوَ هَذَا..( الكافي ج1 ص74)
ونجد الحافظ الذهبي بعد ان ينقل الاقوال في مدح الصادق يذكر قولا له : سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي .(تذكرة الحفاظ ج1 ص166).
ولم يقل سلوني عن شيء معين ، بل قال سلوني، فهي تشمل كل شيء حيث ورد في الحديث قوله عليه السلام: إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ مَا فِي الْجَنَّةِ وَ أَعْلَمُ مَا فِي النَّارِ وَ أَعْلَمُ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ قَالَ ثُمَّ مَكَثَ هُنَيْئَةً فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ كَبُرَ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ فَقَالَ عَلِمْتُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ( الكافي ج1 ص261 )
ثم شدد سماحته على ضرورة فهم فقه الحديث ومدلولاته، وتعريف الناس بمكانة هذا الامام العظيم كي نصل الى نصرتهم عليهم السلام باللسان واليد بعد أن نحبهم بالقلب.