الحلقة رقم 20 - تاريخ: 05-09-2012 (أقوال المفسرين في اولي الامر)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خير رسله وأعز أنبيائه سيدنا ونبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ﴿الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنهمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرُوهُمْ تَطْهِيراً﴾. السلام عليكم أيها المشاهدون الكرام ورحمة الله وبركاته.
نلتقي وإياكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج "أئمة الهدى" بعد أن وصل بنا الحديث إلى الآية المحورية التي هي محور برنامجنا، ألا وهي الآية الكريمة التي تقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾.
فيما مضى من حلقات كنا قد تناولنا بجانب من التفصيل كل ما يرتبط بالآيات الكريمة التي ورد بها الأمر بطاعة الله وطاعة رسوله. فهمنا من خلال تلك الآيات مكانة الطاعة لله ولرسوله وفهمنا الآثار للمعصية، يعني الطاعة إلى أين توصل والمعصية إلى أين توصل، بعد أن فهمنا أن هناك ارتباطاً وتلازماً بين طاعة الله وطاعة الرسول. هذا نستطيع أن نقول خلاصة كل ما تحدثنا عنه في ثماني عشرة حلقة مضت. هذه الخلاصة الآن نصل إلى هذه الآية التي تقول ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾. من هم هؤلاء الذين قرن الطاعة بطاعة الله ولرسوله؟
مقدمة منهجية:
أنا كما تحدثت في البداية في بداية البرنامج - يذكر الذين استمعوا معنا إلى تلك الحلقات - أنني قلت: أريد من المشاهد الكريم أن يصل إلى النتيجة بنفسه. لست بمورد المُلَقِّن أو من يبيّن أموراً، لا، نحن نبين ما ورد من نصوص من استدلالات، وعلى المستمع الكريم أن يصل إلى ما يمليه عليه تفكيره القويم، تفكيره السليم.
1. الحاكمية الإلهية كمنطلق للعصمة
في هذا الإطار عندما نتحدث عن هذه الآية وعن تلك التساؤلات، فإننا ننطلق من مسلمات، المسلمات التي تقول أن الحاكمية لله تعالى. بمعنى أن الله تعالى هو الذي خلق الإنسان، وبعد أن خلقه أوجب عليه واجبات ووضع له برنامج عمل. وبالتالي فإن الله تعالى هو الخلاق العليم. وعندما نقول الخلاق العليم، فالصفة الأولى تعني أنه خالق الإنسان وخالق الكون وخالق كل ما يرتبط بهذا الإنسان وبغير الإنسان. وصفة العليم هي التي تعني أنه هو الذي يعلم ما يصلح الإنسان وما يصلح كل المخلوقات، فهو الحكيم.
وعندما نقول أنه حكيم، يطرح تساؤل: هل أن خلق السماوات والأرض وخلق هذه المخلوقات كان أمراً عبثياً لهذا الخالق القدير؟ والجواب من خلال القرآن الكريم عندما يقول عز وجل وهو أصدق القائلين: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾. إذاً المسألة ليست مسألة ترف، ترف قدرة، ترف قوة، لا، هناك هدف.
هذا الخالق الحكيم الخلاق العليم عندما خلق السماوات والأرض وما بينهما، نحن من ضمن المخلوقات، لم تكن هذه الخلقة تسلية بلا هدف، بل كان هناك هدف. وبذلك هناك رد على من يقولون أن الله خلق السماء والأرض وخلق الإنسان وتركك.
هذا المعنى نستقيه أيضاً من آية أخرى تقول: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
إذن من هذه المنطلقات ومن هذه الأسس ننطلق في محاولة فهمنا لموضوع بحثنا حيث يقول تعالى في ضمن هذا الإطار وهو يصرح بذلك: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. لماذا لم يذكر هنا الملائكة مثلاً؟ الملائكة مخلوقات ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾. ليس لديهم قدرة اختيار. حالة الاختيار ميز الله تعالى بها الجن والإنس، وبالتالي الحساب والعقاب يكون وفق الطاعة ووفق عدم الطاعة، من معصيتنا.
فهنا نعود من خلال هذه المنطلقات إلى النقطة الجوهرية الأساسية التي اختلف المسلمون في فهم معانيها وفي تفسيرها، مما أدى إلى حالة من التعدد عاشتها الأمة منذ صدر الإسلام وإلى عصرنا وإلى أن يظهر المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف. نحن في هذا الإطار ننطلق من هذا البحث الذي ينظر إلى المسألة بعيداً عن الحساسيات والعصبيات، ننطلق ببحث أسسه علمية منطلقة من كتاب ربنا عز وجل استناداً إلى ما أوصى به وكررناها مراراً: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ﴾.
2. أقوال المفسرين في "أولي الأمر" (نقد الرأيين)
أمام هذه الآية وبعد التساؤلات التي طرحناها وطرحت في عدد من الحلقات: من هم الذين أمر الله بطاعتهم وقرن طاعتهم بطاعتي وطاعة رسولي؟ نريد وإياكم أعزائي المشاهدين أن نستعرض ما قاله المفسرون في ذلك. وأشير في البداية إلى أن المفسرين اختلفوا حول هذه الآية: ما هو المعنى المقصود منها؟ من هم بالأحرى؟ من هم أولو الأمر عند إخواننا من المذاهب الإسلامية الأخرى؟ هناك عدد من الآراء سنستعرضها واحداً واحداً، أو بالأحرى سنستعرض أبرزها واحداً واحداً ونناقش.
أ. الرأي الأول: الأمراء والحكام (الطاعة المطلقة)
نبدأ بما يقوله إخواننا من أهل السنة. القول الأول في تفسير هذه الآية: جماعة من مفسري أهل السنة قالوا أن المراد من أولي الأمر بالآية الكريمة هم الأمراء الحكام في كل زمان. ومثل الآية الكريمة ولم يستثن من هؤلاء أحد.
مناقشة هذا الرأي:
هل فعلاً أن المقصود هو أن كل من وصل إلى السلطة؟. يعني ذلك أننا إذا أردنا أن نأخذ بهذا التفسير ونلتزم بهذا التفسير، فإننا نجد أن الأخذ بهذا التفسير وبهذا المعنى يتناقض مع روح الرسالة والتعليم الإسلامية. إذ كيف يمكن أن تقترن طاعة كل حكومة تتولى أمور الناس بشكل أو بآخر بالظلم والفساد والإجرام وسفك الدماء، تقترن طاعتها بطاعة الله ورسوله؟.
وقد بيّنّا حقيقة الطاعة لله ولرسوله. هل يمكن أن تجتمع طاعة كل سلطة بأي شكل من الأشكال وصلت إلى تلك السلطة، أو طاعة كل حاكم بأي شكل وصل إلى الحكم، تقترن طاعته بطاعة الله ورسوله، وبالتالي من دون قيد أو شرط مهما كانت الأمور؟.
نحن تحدثنا في حلقات سابقة أن الطاعة لله ورسوله يجب أن تكون مطلقة، وليس فيها استثناء في الصغيرة والكبيرة، وليست مجرد طاعة، بل يستلزمها التسليم التام حتى القلب، ولا يكفي مجرد الالتزام العملي دون الالتزام القلبي. هل يعقل أيها المسلمون أيها الناس أيها العقلاء أن يأمرنا الله تعالى بأن نطيع أناساً استولوا على الحكم عملوا ما عملوا، وتكون طاعتهم فرض إلهي من الله تعالى مقروناً بطاعته وطاعة رسوله؟. لا أعتقد أن إنساناً يملك شيئاً من معرفة أو عقل يستطيع أن يقبل مثل هذا التفسير.
هذا الفهم الذي حاول عدد عبر التاريخ من وعاظ السلاطين زرعه في أذهان الأمة، وبالتالي يشرعون كل انحراف ويشرعون كل رذيلة ويشرعون كل فساد ويشرعون كل ظلم بعنوان أن الله يأمر بذلك. والله حاشا لله تعالى أن يأمر بمثل هذا النوع من الطاعة لأناس ليست لهم تلك الصفات التي تجعلهم قريبين من الرسول، طاعة الله وطاعة الرسول واحدة. إذن لا بد من أن يكون الذي أُمِرَ الناس بطاعته تحت عنوان أولي الأمر متصفاً بصفات.
هذا التفسير الخاطئ الذي أشرنا إليه لم يرتضها جميع علماء السنة. قسم منهم قال بها كما قلنا، ولكن عدد آخر من كبار علماء السنة ناقشوا هذا الأمر أيضاً ونفوا إمكانية القبول به. وبالتالي التقوا مع أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بعدم إمكانية قبول هذا التفسير، لأنه تفسير لا ينسجم لا مع القوانين الإلهية لا مع ما أمر الله تعالى به لا مع سنة نبي صلى الله عليه وسلم ولا حتى يمكن أن يقبله العقل البشري الذي يؤمن بوحدانية الله وعدله. هذا المعنى الأول، التفسير الأول الذي يُذكر لهذه الآية وقد اتضح أنه تفسير شائب شائك يودي بصاحبه إلى الهلاك وإلى التهلكة.
ب. الرأي الثاني: ممثلو الأمة (الطاعة المقيدة)
نأتي إلى تفسير آخر ولا نزال في استعراض ما قاله إخواننا بعض المفسرين من إخواننا مثل صاحب تفسير المنار مثلاً، ظلال القرآن وغيره. قالوا: إن المقصود من أولي الأمر هم ممثلو كافة طبقات الأمة. يعني الأمة بها علماء بها حكام بها قادة بها، مثل ما نقول الآن في زماننا المعاصر، هناك شرائح اجتماعية، شرائح اقتصادية، شرائح مهنية، شرائح سياسية إلى آخره.
لماذا لجأ مثل هؤلاء لهذا التفسير؟ لأنهم لم يرتضوا التفسير الأول الذي يعني الطاعة المطلقة. فذكروا أن هؤلاء هم المقصودون بأولي الأمر: حكام وقادة والذين يشغلون المناصب المهمة والنافذة في المجتمع في جميع مجالات حياة الإنسان.
طاعة هؤلاء هل هي طاعة مطلقة بدون قيد أو شرط؟ يقولون لا، لا تجب طاعة هؤلاء بشكل مطلق وبدون قيد أو شرط، بل لا بد من أن يكون هناك شروط وقيود. ما هي هذه القيود وهذه الشروط؟ يذكرون عنواناً عاماً، ما هو العنوان العام؟ يقولون أن لا تكون أوامرهم خلاف الأحكام والمقررات الإسلامية.
مناقشة هذا الرأي (إطلاق الطاعة):
هذا تفسير يرد عليه كثير من الأمور، أيضاً غير منسجم مع سياق الآية ومع الواقع. الآية الكريمة قالت ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ﴾. يعني مطلقة، يعني شاملة. الأمر هنا أمر مقترن، مثل ما تحدثنا في الحلقات السابقة أن طاعة الله وطاعة الرسول هي طاعة مطلقة بدون قيد أو شرط، بل توجب التسليم والرضا والقبول القلبي. هنا الآية تقول: الله ورسول وأولي الأمر. عندما نجمع ثلاث عناوين بسياق واحد بأمر واحد، معنى ذلك لها نفس الحكم. إذا كان هناك استثناء فلا بد من أن يبين هذا الاستثناء، ولم يظهر استثناء في هذه الآية: الله ورسول وأولي الأمر منكم. إذن أول إشكالية ترد على ذلك أن هذا التفسير هو مناقض مخالف لإطلاق الآية.
القيود التفصيلية ونقدها:
طبعاً جاء بعض المفسرين من إخواننا أهل السنة أرادوا أن يخرجوا من هذا العنوان الفضفاض، فوضعوا قيوداً جزئية تفصيلية. قالوا مثلاً: يُشترط أن يكون من المسلمين. وقالوا أن ما يدل على ذلك كلمة ﴿مِنكُمْ﴾ في الآية الكريمة. طيب، هذا شرط قيد استوحوه من كلمة ﴿مِنكُمْ﴾، شرط الإسلام. ولكن هل أن كل مسلم وصل إلى السلطة يجب طاعته؟. ذكروا قيوداً أخرى: أن لا يكون حكم هؤلاء مخالفاً للكتاب والسنة. بعد: أن يحكموا عن اختيار لا عن جبر أو قهر بالقوة. طبعاً نجد أن هذه القيود هي بحد ذاتها جميلة ولطيفة، ولكن استيحاؤها كان من خلال مزاج هؤلاء الأشخاص وليس مستنداً على نص.
بعد ماذا يذكرون من القيود؟ يقولون: يجب أن تكون هذه الأحكام لهذه الطبقة من ممثلي الأمة وفق مصالح المسلمين، وبنفس الوقت أن تكون أعمالهم وفق مسائل يحق لهم التدخل فيها. هذا توجيه لهذا التفسير الذي ورد حول هذه الآية الكريمة.
فاصل البرنامج: طبعاً متابعة الحديث حول هذا التفسير، مناقشة هذا التفسير، هل هو تفسير مستقيم؟ هل يوصلنا إلى النتيجة المرجوة؟ هذا ما سنتابعه وإياكم بعد فاصل قصير. فانتظروا.
3. مناقشة الرأي الثاني: العصمة وعدم الإجماع (تكملة)
نعود لنتابع وإياكم موضوع هذه الحلقة. لا نزال وإياكم في هذا المحور من حديثنا، نبحث عن ما قاله بعض مفسري إخواننا من أهل السنة بتحديد من هم المقصودون بأولي الأمر.
نلاحظ هنا في هذا السياق أن هذا التفسير - عندما نقول من أين أتت هذه الأحقية بالطاعة - نلاحظ أنهم ينظرون من منطلق آخر يرى أن الأمة لا تجتمع على خطأ. وبالتالي فإنهم يرون العصمة للأمة.
مناقشة شرط الإجماع والعصمة:
نجد أن هذا الرأي الذي يريد أن يقول أنه ليس لهؤلاء الحق بنقد أو بتعديل أو بتغيير الأحكام الشرعية، يعني حصر المسألة بالجوانب الاجتماعية. نجد من خلال واقعنا الاجتماعي والعملي الذي نعيشه كبشر أن الرأي في المسائل الاجتماعية بين مجموعة متعددة قلّما وندر ما يتحقق ما يحصل اتفاق. وبالتالي الأمة تصبح ملزمة بإطاعتهم نتيجة القول بـ عصمة هؤلاء بأنهم لا يخطئون، هذا أمر غير متحقق.
إذا أردنا أن نطور النظرية وفق رأي هؤلاء لكي نحسم الأمور، نقول نأخذ برأي الأكثرية. عند ذلك معنى ذلك أننا هنا لم نحقق الإجماع. عندما يخالف البعض، معنى ذلك أن العصمة انتفت. إذا انتفت العصمة، معنى ذلك أنه لم يعد من الواجب الطاعة بشكل مطلق على نحو التام كما هي الطاعة المطلوبة لله ولرسوله.
نقاش مقولة عصمة الأمة: القول بعصمة هؤلاء وفق ما نعتقد به أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام - وكما يبحثه العلماء في علم الأصول - ليس ثابتاً للأمة كأمة. بل ثابت لـ دخول المعصوم الذي لا يمكن أن يخطئ. الأمة مكونة من أفراد، وعندما يكون الفرد قابلاً لأن يخطئ أو يصيب، فاحتمال الخطأ والإصابة يبقى قائماً.
نقاش شرط عدم مخالفة الكتاب والسنة: يقولون أن حكم هؤلاء يجب أن لا يكون على خلاف الكتاب والسنة. طيب، الكتاب والسنة نسأل حينئذ: من هو الشخص الذي يشخص لنا أن هذا الحكم مخالف للكتاب والسنة أو ليس مخالفاً للكتاب والسنة؟. لابد أن نرجع إلى المختصين. المختصون بالكتاب والسنة هم المجتهدون، الفقهاء، العارفون بالكتاب والسنة. ماذا تكون النتيجة؟ يعني هؤلاء الذين سميناهم أولي الأمر طاعتهم ليست نافذة بدون موافقة هؤلاء المجتهدين والعلماء.
هذا الحصر أيضاً لا ينسجم مع ظاهر الآية التي تتحدث عن الطاعة المطلقة. وبذلك نجد وفق هذا التفسير أن المراقب والمشرف على بقية فئات المجتمع المعنيون في الأمر هم هذه الطبقة (الفقهاء)، وهم ليسوا في مستوى واحد معهم مع العلم أنهم وضعوهم في عرض واحد وفي مستوى واحد. وبالتالي تكون النتيجة أيضاً أن هذا التفسير لأولي الأمر بهذا المعنى هو في غير مكانه في غير محله.
4. إجابة تكملية حول "المهديين" (تكلفة الولاية)
طبعاً قبل أن نكمل حديثنا حول آراء المفسرين، نكون وإياكم قد تحدثنا في هذه الحلقة عن تفسيرين، عن رأيين من مفسري إخواننا أهل السنة الذين حاولوا أن يعطوا تفسيراً للمقصود بأولي الأمر، ولاحظنا وإياكم جميعاً أن كلا التفسيرين لا يصلان إلى مرتبة الثبات.
قبل أن ننتقل إلى التفسير الآخر، أودعكم وأكمل إجابة على بعض الأسئلة التي وردتنا والتي ترتبط بموضوع "المهديون". كنا قد وصلنا في جوابنا هذا التفصيلي لبيان أن المسألة التي تحدثنا عنها هناك أولاً لدينا نصوص متواترة واضحة وصريحة تبين المعنى المقصود من المهديون.
تكملة رواية الإمام الصادق (ع) ومكانة المهديين
لدينا رواية عن الإمام الصادق عليه السلام ينقلها أحد أصحابه وهو إبراهيم الكوفي يقول دخلت على الإمام - يقصد الإمام الصادق عليه السلام - أدخل عليه ابنه موسى بن جعفر عليه السلام وهو غلام. فقال لي الإمام الصادق عليه السلام: "يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ، أَمَا إِنَّهُ صَاحِبُكَ مِنْ بَعْدِي". ثم قال: "أَمَا لَيَهْلِكَنَّ فِيهِ أَقْوَامٌ وَيَسْعَدُ آخَرُونَ". ثم يكمل: "يُخْرِجُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ صُلْبِهِ تَكْمِلَةَ اثْنَيْ عَشَرَ مَهْدِيًّا". إذن المهديون المقصودون في هذه الروايات المتواترة هم الأئمة الاثنا عشر المعصومون.
حديث المعراج لابن عباس وتكلفة الولاية
بعد عندنا حديث ينقله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما عُرج به إلى السماء (الإسراء والمعراج). النداء من الباري عز وجل: "يَا مُحَمَّدُ! قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ مِنَ الْآدَمِيِّينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ". ثم أوحى اللَّه إِلَيْهِ: "يَا مُحَمَّدُ، حَقَّهُ بَعْدَكَ عَلَى أُمَّتِكَ كَحَقِّكَ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِكَ، فَمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ فَقَدْ جَحَدَ حَقَّكَ، وَمَنْ أَبَى أَنْ يُوَالِيَهُ فَقَدْ أَبَى أَنْ يُوَالِيَكَ، وَمَنْ أَبَى أَنْ يُوَالِيَكَ فَقَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ".
ثم يذكر صفاته فيقول: "وَقَدْ جَعَلْتُ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ وَأَعْطَيْتُكَ أَنْ أُخْرِجَ مِنْ صُلْبِهِ أَحَدَ عَشَرَ مَهْدِيًّا، كُلُّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنَ الْبَتُولِ".
هذه بعض النصوص التي وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تبين المقصود بالمهديين في الروايات المذكورة. وللحديث تتمة إن شاء الله، نلتقي وإياكم أعزاء المشاهدين في الحلقة القادمة بعونه تعالى لنتحدث وإياكم عن بقية ما ورد من أقوال المفسرين في أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم مقرونة بطاعته وطاعة رسوله.
الخاتمة
حتى نلتقيكم في الحلقة القادمة نستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!