• الموقع : كتاباتي- صفحة الشيخ مصطفى مصري العاملي .
        • القسم الرئيسي : كتاباتي .
              • القسم الفرعي : أسئلة و أجوبة .
                    • الموضوع : هل يجب التقليد وكيف نعرف الاعلم؟ .

هل يجب التقليد وكيف نعرف الاعلم؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 تحية طيبة

لفت انتباهي لمشاركات بعض الاعضاء في مواضيع متعددة حول مسالة التقليد ( تقليد مرجع ديني ) فرايت بعضهم يصرون على وجوب ان يكون لكل انسان مرجع يقلده وهو مسؤول عنه في القبر وفي الحساب ( يسأل عنه )  والبعض الاخر يصر على وجوب تقليد الاعلم ( اعلم المراجع ( ...
فلدي سؤالين ارجو التفضل بالاجابة عليهما.

الاول .. لم ار لا آية قرانية ولا حديث نبوي شريف ولا قول لاحد الائمة المعصومين على وجوب تقليد مرجع ديني ... وكون غير المقلد يدخل نار جهنم ان لم يكن له مرجع ؟؟؟؟  فارجو توضيح المسألة

الثاني ... كيف نعرف من هو الاعلم ؟؟؟

1.                          ان يقول بنفسه ( انا الاعلم بين الجميع ) ... وطبعا من مدح نفسه فقد ذمها ؟!!!

2.                          ان يختاره مرجع آخر ( او اكثر ) ... طبعا المراجع غير معصومين ...فكيف يختار غير المعصوم شخصا ليوجب على الناس اتباعه ؟!!!!

3.                          ان يختاره مجموعة من الناس ( انتخابات ) ...اذن اصبحنا كـ حال اهل السنة الذين يعطون شرعية لمن يصل الى الحكم بانتخاب مجموعة له ( كما حصل في يوم السقيفة

4.                          )  عدد كتبه ومؤلفاته ... ممكن ان يكون هنالك اشخاصا ساعدوه في تأليف هذه الكتب ( عمل جماعي وليس فردي ) ..وهي ايضا لا تدل على كونه اعلم ؟؟ اذن كيف ؟؟؟
ونحن في العراق نعاني من موظة تعدد الشخصيات ( وظهور دجالين يحاولون الضحك على عقول الناس بكلمات قليلة وبـ العمامة والعباءة فقط وليس لهم من الدين الا الاسم فقط ) ...فمن أ ُقلد من الشخصيات ونحن في آخر الزمان (ولانعرف الصحيح من غيره ) ... ولربما من الافضل الابتعاد عن الكل ويكون الولاء مطلقا ومباشرا للامام صاحب الزمان عج ...
اما مسالة المسائل الفقهية فيمكن قراءة اي كتب للمسائل العملية لاي مرجع كان ( بدون تقليده ) ... كما يحصل عندما يتمرض انسان فيذهب لاي طبيب ليعطيه العلاج ولا يشترط ان يكون طبيبه الخاص ( يراجعه دائما في كل امر وفي كل زمان ) ... يعني عند الضرورة فقط ام اذا كان في مسألة الخمس ... فهنالك المئات من العلويين الفقراء يمكن اعطائهم الخمس بدلا من تسليمه لشخصية معينة ( لااعرف اين يوزعون)
ولكم الامر مع تحياتي

 _____________________________________

                       بسم الله الرحمن الرحيم

للاجابة على هذه التساؤلات لا بد من بيان بعض النقاط المهمة كي تتضح الفكرة وتنتفي الاشكالات، ويعرف كل مكلف تكليفه الشرعي في هذه المسألة.

أولا: إن كل مسلم آمن بالله رباً وبمحمد نبياً وبالقرآن كتاباً يعتقد ويؤمن بوجود تكاليف الهية أوجب الله تعالى على البشر الالتزام بها وأداءها، وانه لا يقبل منهم تركها أو إهمالها، وقد قال تعالى: وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون.

ثانيا: يعتقد كل مسلم بأن المصدر الاول لمعرفة الاحكام والتكاليف الالهية هو النبي محمد (ص) : هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين.

ثالثا: يعتقد المسلمون الشيعة بأن النبي (ص) قد أوصى من بعده الى الائمة الهادين المهديين وهم الائمة الاثنا عشر  وهم المقصودون بقوله (ص) اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما ان تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي ابدا ، لن يفترقا حتى يردا على الحوض: وأولهم الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وآخرهم المهدي المنتظر الذي سيخرج في آخر الزمان ليملأ الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وهو مصداق قوله تعالى( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين).

رابعا: يتفق المسلمون جميعا على خروج المهدي الموعود، ويختص الشيعة بالقول بأنه الامام الثاني عشر ضمن سلسلة الائمة المعصومين والذي غاب غيبة صغرى ثم غيبة كبرى ولن يخرج الا حينما يأذن له الله تعالى في ذلك، وقد مدَّ الله في عمره كما مدَّ في عمر نوح عليه السلام.

خامسا:  يعتقد المسلمون الشيعة بأننا نعيش في زمان الغيبة الكبرى، وقد رسم الائمة عليهم السلام لنا الطريق في عصر الغيبة أيضا كما رسموها لنا في حياتهم، ففي زمان الائمة عليهم السلام كانوا يرجعون اصحابهم في الاماكن البعيدة الى عدد من اصحابهم الفقهاء وأمروا الناس بالاخذ منهم، وفي زمان الغيبة ، وضع عليهم السلام لشيعتهم قاعدة لاخذ الاحكام من خلال وضعهم لصفات عامة لهؤلاء الاشخاص، فقد ورد : من كان من الفقهاء صائنا .... فللعوام ان يقلدوه.

سادسا: من الطبيعي أن لا يستطيع كل المكلفين التخصص في معرفة الاحكام الشرعية لأن الوصول الى تلك المرحلة يحتاج الى تفرغ وبذل الجهد وهو غير مييسر للجميع، وهو من ناحية أخرى واجب كفائي على المسلمين إن قام به البعض سقط عن الباقين، وهو ما تشير اليه الاية الكريمة: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم ... فصار التخصص في دراسة أمور الشريعة واجبا تصدى له من وصل الى رتبة الاجتهاد كي يوفر على عامة المكلفين بذل الجهد.

وبالتالي فإنه بعد بيان هذه الامور نصل استنادا الى الادلة الواردة في كتاب الله تعالى ، وفي الاحاديث الشريفة ، والادلة العقلية الى النتيجة التالية:

 جوابا على السؤال الاول نقول أنه:

يتعين على كل مسلم مكلف أن يتعرف على أحكام دينه بإحدى ثلاث طرق:

الاولى: أن يتخصص بدراسة الشريعة ويصير مجتهدا.

الثانية: إن وصل الى مرتبة من العلم والمعرفة ولكنه لم يصل الى درجة الاجتهاد فعليه أن يكون محتاطا، ومعنى الاحتياط أن يأخذ بأصعب الاحكام التي توصل اليها المجتهدون.

الثالثة: أن يكون مقلداً في أعماله للمجتهد المتخصص في احكام الشريعة.

فإذا أهمل المكلف ذلك ولم يلتزم بواحدة من الطرق الثلاث المذكورة فإنه سيكون حينئذ مصداقا لقوله تعالى: وقفوهم انهم مسؤولون.

أما الجواب على السؤال الثاني:

فنقول:

اولا:  بعدما ثبت مما ذكرناه لزوم التقليد لمن لم يصل الى رتبة الاجتهاد، او لمن لم يكن محتاطا من خلال اطلاعه على الاحكام واختياره الاصعب، وبالتالي فإنه يلزم الرجوع الى الاعلم كي تبرا ذمة المكلف، ولكن ثبوت الاعلمية  ليست من خلال الاسباب الاربعة المذكورة في السؤال .

ثانيا: إن مجرد ادعاء الاعلمية لا يكفي.

واختيار مرجع من قبل مرجع متصد للتقليد لا يصح لأن المرجع لا بد وأن يرى في نفسه الاعلمية، فإن دل على مرجع آخر فمعناه انه يشهد له بالاعلمية، إلا فيما لو ارشد اليه من باب الرجوع اليه في المسائل التي يحتاط فيها فيكون ارشاده صحيحا.

و اختيار المرجع عن طريق الانتخابات العامة لا وجه له من الناحية الشرعية لأن المرجعية لا تكون من خلال اصوات عامة الناس.

وعدد التأليفات ليست مقياسا، بل المقياس المطلوب هو المستوى العلمي وهذا يعرفه أهل الاختصاص.

فالنتيجة أن تحديد الاعلمية يجب أن تتم من خلال أهل الاختصاص الذين وصلوا الى مرحلة يستطيعون فيها التمييز بين شخص وآخر.

ثالثا: أهل الاختصاص هو العلماء الموثوقون المتفرغون لتحصيل علوم أهل البيت عليهم السلام وتعليمها، وهم يستطيعون ذلك من خلال معرفتهم المباشرة، سواء من خلال الدرس، او الكتاب العلمي المختص.

وعلى هذا فيمكن الاستناد الى شهادة الثقاة من اهل الخبرة،

رابعا: لا مانع من تعدد المراجع، سواء كان ذلك من خلال وجود عدد منهم لهم مرتبة علمية متقاربة بشهادة اهل الاختصاص فيمكن حينئذ اختيار المكلف بين أي واحد منهم.

وتارة تتعدد الشهادات فيشهد جماعة من اهل الاختصاص بأعلمية شخص، وجماعة أخرى بشهادة شخص آخر، وكلهم ثقات وعدول، فعندها يرجع المكلف الى من يطمئن الى اعلميته اكثر، ومع عدم الترجيح فيتخير المكلف في الرجوع الى أي واحد منهم.

خامسا: من المرجحات الشهرة الواسعة، وهي الشهرة الناتجة عن ترجيح أهل العلم، لا المبتنية على العناصر الاعلامية المادية كما هو الحاصل في عدد من العناصر المشبوهة في زماننا وخاصة في العراق الحبيب، حيث نرى انه تم تفريخ عدد من المرجعيات خاصة مع فترة سقوط النظام السابق، بحيث تجرأ الكثيرون على ادعاء هذا الموقع .

أما من تدور حولهم الشبهات، سواء من ناحية مستواهم العلمي، او من ناحية تحقق بقية شروط التقليد كالعدالة مثلا، فلا يصح تقليدهم خاصة مع وجود من يحوز على الاطمئنان.

سادسا: أما مسألة الابتعاد عن الكل، فهذا كحالة من يحتاج الى الطعام ويعلم ان بعض الطعام الموجود فيه سم، فلا يمكنه ترك الطعام ولكن عليه أن يتحرى ليميز الطعام السليم من السقيم.

فالاطر الطبيعية لتحديد المرجع او المراجع هي معروفة في سيرة علماءنا عبر التاريخ والمتنطحون معروفون ايضا، وبالتالي فإن كل مكلف باستطاعته أن يصل الى ما يؤمن به دينه.

سابعا: واما مسألة الحقوق فعندما يصل الى المرجع الذي يجب تقليده فلا تبقى هناك مشكلة في كيفية صرف هذه الحقوق لانها تكون من خلال ايد أمينة.

 

 

 


  • المصدر : http://www.kitabati.net/subject.php?id=74
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 07 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3