• الموقع : كتاباتي- صفحة الشيخ مصطفى مصري العاملي .
        • القسم الرئيسي : كتاباتي .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : كربلاء هذه الليلة ، ليلة 1 محرم 1437 .

كربلاء هذه الليلة ، ليلة 1 محرم 1437

 كربلاء هذه الليلة          ليلة 1 محرم 1437

شخصت الابصار في هذا المساء....

من كل بقاع الارض نحو كربلاء..

أُنزلت الراية الحمراء....

وارتفعت الراية السوداء ...

راية الحزن راحت ترفرف خفاقة...  فوق تلك القبة الصفراء

ولتسترح راية الثأر شهرين هما.. شهرا الحزن والندب والبكاء

حزن يملأ القلوب شجى ... على السبط ابن خير الاوصياء

نستذكر  في هذه الليالي نزول حسين  بأرض كرب وبلاء....

ليل قاتم يملأ  الارجاء، يبدده  نور وضياء ...

زيته يستطع من دماء الشهداء...

رأس يُحمل على الرمح الى الكوفة الى الشام ليعود بعدها الى كربلاء...

واجساد زاكيات تبقى ثلاثا في العراء...

 نجوم زرعت قبل قرون في هذه الأرض فغدت شموسا ساطعة تملأ الارجاء..

ملايين المؤمنين في كل بقاع الارض لبسوا الليلة الحزن فوق القلوب رداء...

واتجهوا من كل حدب بأبصارهم وقلوبهم وعقولهم  نحو كربلاء...

 يرددون والدمع يملأ الجفون:

ِ لَبَّيْكَ دَاعِيَ اللَّهِ... إِنْ كَانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغَاثَتِكَ

وَ لِسَانِي عِنْدَ اسْتِنْصَارِكَ ...فَقَدْ أَجَابَكَ قَلْبِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي‏

ويسلمون بحرقة وشوق ومحبة وولاء مرددين ومن كل اللغات..

السَّلَامُ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ،

وَ عَلَى أَوْلَادِ الْحُسَيْن‏ وَ عَلَى أَصْحَابِ الْحُسَيْن‏.....

رب سائل يسأل..لماذا الحزن ؟ ولماذا البكاء؟ ولماذا تنقلب المشاعر؟

لماذا تستقبلون العام الجديد بكل تلك المشاعر الجياشة؟

والى ماذا ترمز الراية الحمراء ؟ وماذا تعني الراية السوداء؟

وماذا ..ولماذا ولماذا ؟

بداية الجواب. مما ورد في كتاب الأمالي( للشيخ الصدوق) في ص129ما نصه:

عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا ع فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ-

فَقَالَ لِي يَا ابْنَ‏ شَبِيب‏.. إِنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا مَضَى يُحَرِّمُونَ فِيهِ الظُّلْمَ وَ الْقِتَالَ لِحُرْمَتِهِ

فَمَا عَرَفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ حُرْمَةَ شَهْرِهَا وَ لَا حُرْمَةَ نَبِيِّهَا ص لَقَدْ قَتَلُوا فِي هَذَا الشَّهْرِ ذُرِّيَّتَهُ وَ سَبَوْا نِسَاءَهُ وَ انْتَهَبُوا ثَقَلَهُ فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ أَبَداً

يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع

فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ وَ قُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهُونَ... وَ لَقَدْ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ

وَ لَقَدْ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ ....

فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ إِلَى أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ

فَيَكُونُونَ مِنْ أَنْصَارِهِ وَ شِعَارُهُمْ يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ .

يَا ابْنَ شَبِيبٍ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع

أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جَدِّي ص مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ تُرَاباً أَحْمَرَ

يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ بَكَيْتَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع حَتَّى تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَى خَدَّيْكَ

غَفَرَ اللَّهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيراً

يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْكَ فَزُرِ الْحُسَيْنَ ع

يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِيَّةَ فِي الْجَنَّةِ

مَعَ النَّبِيِّ وَ آلِهِ ص فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ

يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلَ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَيْنِ ع  فَقُلْ مَتَى مَا ذَكَرْتَهُ‏ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً

يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجِنَانِ

فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَ افْرَحْ لِفَرَحِنَا وَ عَلَيْكَ بِوَلَايَتِنَا

فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَوَلَّى حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

لهذا نعيش الحزن في شهري محرم وصفر..

ولذا ترتفع الراية السوداء اعلانا لبدء شهري الحزن والبكاء..

اما لماذا اختص الحسين عليه السلام بكل هذه العاطفة الجياشة .. ..

فالجواب فيما ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ-

كَيْفَ صَارَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مُصِيبَةٍ وَ غَمٍّ وَ حُزْنٍ وَ بُكَاءٍ

 دُونَ الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص- وَ الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ فَاطِمَةُ

  وَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- وَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحَسَنُ  بِالسَّمِّ؟

 فَقَالَ إِنَّ يَوْمَ الْحُسَيْنِ-  أَعْظَمُ مُصِيبَةً مِنْ جَمِيعِ سَائِرِ الْأَيَّامِ

وَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكِسَاءِ- الَّذِينَ كَانُوا أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ

كَانُوا خَمْسَةً فَلَمَّا مَضَى عَنْهُمُ النَّبِيُّ ص- بَقِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ-  فَكَان‏ فِيهِمْ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ

فَلَمَّا مَضَتْ فَاطِمَةُ كَانَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ- لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ

فَلَمَّا مَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ

فَلَمَّا مَضَى الْحَسَنُ-  كَانَ لِلنَّاسِ فِي الْحُسَيْنِ  عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ- 

لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ أَحَدٌ لِلنَّاسِ فِيهِ بَعْدَهُ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ

فَكَانَ ذَهَابُهُ كَذَهَابِ جَمِيعِهِمْ كَمَا كَانَ بَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِمْ

فَلِذَلِكَ صَارَ يَوْمُهُ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ مُصِيبَةً الْحَدِيثَ.

وهنا نتوقف امام امرين يرتبطان بهذه الذكرى..

الأول: الجانب العاطفي، والجانب العملي..

الجانب العاطفي الذي تتفجر فيه المشاعر...

والجانب العملي في حياتنا الذي يستمد طاقته من العواطف الجياشة..

من تولى حجرا حشره الله يوم القيامة معه..

فكيف بنا ونحن نتولى سبط الرسول وريحانته،

ومن قال فيه جده: حسين مني وانا من حسين.

وهنا ننتقل من جانب العاطفة الى جانب العمل..

ونقرأ البعد المرتبط بحركة الامام الحسين عليه وكيف نجسد الموالاة له؟

بداية مع وصيته التي يرسم فيها معالم حركته عند مغادرته المدينة المنورة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْحُسَيْنَ يَشْهَدُ

أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ

جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ حَقٌّ

وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ

وَ أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَ لَا بَطِراً وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً

وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ص

أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ

وَ أَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وَ أَبِي‏ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع

فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ وَ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ

حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِّ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِين‏.

وثانية مع كلامه لاصحابه في ارض كربلاء

عندما قَامَ الْحُسَيْنُ خَطِيباً فِي أَصْحَابِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ

إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ تَرَوْنَ وَ إِنَّ الدُّنْيَا تَغَيَّرَتْ وَ تَنَكَّرَتْ وَ أَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا وَ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ وَ خَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ

أَ لَا تَرَوْنَ إِلَى الْحَقِّ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَ إِلَى الْبَاطِلِ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ  لِيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ رَبِّهِ حَقّاً حَقّاً فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَ الْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً.


  • المصدر : http://www.kitabati.net/subject.php?id=194
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19