• الموقع : كتاباتي- صفحة الشيخ مصطفى مصري العاملي .
        • القسم الرئيسي : كتاباتي .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : وَ هُدُوا إِلَى‏ الطَّيِّبِ‏ مِنَ‏ الْقَوْلِ .

وَ هُدُوا إِلَى‏ الطَّيِّبِ‏ مِنَ‏ الْقَوْلِ

 وَ هُدُوا إِلَى‏ الطَّيِّبِ‏ مِنَ‏ الْقَوْلِ

آويت عصر اليوم الى الفراش مستلقيا بعد نهار شعرت فيه ببعض الإرهاق كي استريح قليلا..

غفوت قرابة الساعة واستيقظت ..

تناولت هاتفي من جانبي... فلقد وصلتني رسالة عبر ( الواتس أب )

عن قصة قصيدة كانت تشدني معانيها كثيرا في أوائل أيام شبابي عندما كنت مغرما بالقصائد الحسينية التي يبدأ بها الخطباء مجالسهم..

إذ لا زلت احتفظ بنسخة قديمة من الدر النضيد الذي حفظت في تلك الأيام بعض قصائده المميزة ..

موضوع الرسالة كان يتناول قصة قصيدة أخرى ..

إنها قصة القصيدة الخالدة

( تبكيك عيني لا لأجل مثوبةٍ )

وهذا نص الرسالة انقلها كما هي قبل أن أنتقل الى الحديث عما دفعني لكتابة هذه المقالة:

هذه القصيدة العصماء هي من نظم العالم العامل المرحوم الشيخ محمد علي الأعسم (ره) مواليد النجف اﻷشرف عام 1154
توفي في النجف الأشرف سنة 1233 ودفن في المقبرة التي هي لآل الأعسم في الصحن الشريف.

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد

(( تبكيك عيني لا لأجل مثوبةً           لكنما عيني لأجلك باكية ))

لهذه القصيدة قصة غريبة تستحق القراءة ..

والقصة التي حدثت بسبب القصيدة هي كما يلي :
... عن لسان الشاعر المرحوم :

كنت شابا معروفا بأخلاقي الحسنة وملتزماً في ديني وقد كتبت قصيدة رثاء الامام الحسين (ع ) والتي مطلعها:

قد أوهنت جلدي الديارُ الخالية           من أهلها ما للديارِ وماليه

وعند انتهائي منها أريتها لوالدي العلامة الشيخ ابراهيم علي اﻷعسم قبل ان أسلمها للخطباء والراثين حيث انه كان لا أعطي نظمِ في رثاء اهل البيت للخطباء قبل ان أعرضها على والدي فكان راي الوالد وهو رجل يملك من الثقافة الدينية والوعي الفكري فكان رده لي ان لايعرضها للخطباء لانها فيها وزنا كا البحر صعب الخوض فيه وادراكه، فتألمت من رد الوالد واخذ على عاتقه التزام الهدوء
فأخذها مني ثمّ صعد فصلى ووضعها تحت مصلاه فما كان إلاّ أن طُرق الباب سحراً وإذا بالخطيب الشيخ محمد علي القارئ
وهو صديق لـوالدي وافضل الخطباء في عصره وكان ممتازا بانشاد الشعر الحسيني في محافل الحسين(ع) قال: إني رأيت البارحة كأني دخلت الرّوضة الحيدرية فرأيت أمير المؤمنين(ع) جالساً فسلمتُ عليه فخاطبني وأعطاني ورقة فيها قصيدة وقال: اقرأ لي هذه القصيدة في رثاء ولدي الحسين فقرأتها وهو يبكي فانتبهت وأنا أحفظ منها هذا البيت:

قست القلوب فلم تمِلْ لهدايةٍ           تبّاً لهاتيكَ القلوبِ القاسية

فتعجّب والدي وأخرج له الورقة التي تحت مصلّاه فدهش الشيخ محمد علي القارئ وقال: واللَّه إنها نفس الورقة بل هي هي التي أعطانيها أمير المؤمنين(ع).

عند ذالك ادرك والدي رحمه الله بأن قصيدة ولده مقبولة عند الامام (ع) ولذلك عرفت هذه القصيدة بالقصيدة المقبولة فاخبرني بكل ما حدث وطلب منه ان تقرأ في مصاب الحسين وقد اشتهرت منذ ذلك الحين

واليكم القصيده :

قـد أوهنت جَلَدي الدّيارُ الخالية    
مـن أهـلـهـا ما للدّيارِ وماليه

ومـتى سألتُ الدّارَ عن أربابها     
يُـعِـدُ الصّدى منها سؤالي ثانيه

كـانت  غياثاً للمنوب فأصبحت     
لـجـميعِ أنواعِ النّوائبِ حاويه

ومـعـالمٌ أضحت مآتمَ لا تَرى     
فـيها  سوى ناعٍ يجاوِبُ ناعيه

وردَ الحسينُ إلى العراقِ وظنّهم    
تـركوا النِّفاقَ إذا العراق كماهيه

ولـقـد  دعَـوهُ لـلعَنا فأجابهم     
ودعـاهُـمُ لـهدىً فردُّوا داعيه

قـسَـتِ  القلوبُ فلم تَمِلْ لهدايةٍ     
تـبّـاً لـهـاتيكَ القلوب القاسيه

مـا ذاقَ طعمَ فراتِهِمْ حَتّى قضى     
عـطـشـاً فغُسِّلَ بالدّماءِ القانيه

يـابنَ النبيّ المصطفى ووصيِّهِ     
وأخا  الزكيِّ ابنَ البتولِ الزاكيه

تـبـكيكَ  عيني لا لأجلِ مثوبةٍ    
لـكـنّـمـا عيني لأجلِكَ باكيه

تـبـتـلُّ مـنكم كربلا بدمٍ ولا    
تـبـتـلُّ  منِّي بالدّموعِ الجاريه

أَنْـسَـتْ رزيـتُكُم رزايانا التي    
سـلـفت وهوّنت الرزايا الآتيه

وفـجـائـعُ الأيـامِ تـبقى مدّةً    
وتزولُ وهي إلى القيامةِ باقيه

لـهـفـي لِـرَكـبٍ صُـرعُـوا في كربلا
كـانـت بِـهـا آجـالُـهُـم مُـتـدانِـيَه

نَـصـروا ابـنَ بـنـت نـبيَّهُم طُوبى لَهُم     
نـالُـوا بـنـصـرتِـهِ مَـراتِـبَ ساميه

قَـدْ جـاوروه هـاهُـنـا بـقـبـورِهـم    
وَقُـصُـورُهُـم يـومَ الـجَـزا مُـتَـحاذِيَه

وَلقدْ يَعِزُّ عِلى رَسولِ اللهِ أن
تُسبَى نِساهُ إلى يَزيدَ الطاغِيَه

وَيَرَى حُسيناً وَهوَ قُرَّةُ عَينِه
وَرِجَالَهُ لم تَبْقَ مِنهُم بَاقِيَه

وَجُسومُهُم تَحتَ السَنابِكِ بِالعَرَى
وَرُوؤسُهُم فَوقَ الرِمَاحِ العَالِيَه

وإذْ أَتَتْ بِنتُ النَبِيِّ لِرَبِّهَا
تَشكُو وَلا تَخفَى عَليهِ خَافِيَه

رَبِّ انتَقِم مِمَّنْ أَبَادُوا عِترَتِي
وَسَبَوا عَلى عُجُفِ النِياقِ بَنَاتِيَه

وَاللهُ يَغضَبُ لِلبَتولِ بِدونِ أنْ
تَشكُو فَكيفَ إذَا أَتَتهُ شَاكِيَه .

كنت قد وصلت الى نهاية القصيدة ودموعي على خداي ، وإذ بولدي يطرق الباب ..

ادخل بني .. فدخل معتذرا وقال إن شخصا عندنا ويريد أن يراك..

ويعرض عليك كتابا ألفه عن كربلاء والامام الحسين عليه السلام ..

ويرغب بأن تنقله معك الى العتبة الحسينية علها تتبنى طباعته ونشره..

وأضاف ابني قائلا ..

لقد تصفحت صفحات من الكتاب، وهو كتاب جدير بأن ينال الاهتمام لما فيه من مواضيع لم تطرح مجتمعة في كتاب قبله...

قمت الى غرفة الاستقبال ورحبت بالضيف الذي لم يكن وجهه غريبا عني فلربما شاهدته من قبل في درس استاذنا الشيخ الوحيد الخراساني ...

عرّفني عن نفسه بأنه من مواليد كربلاء...

 وقد تم تهجيرهم من هناك في أيام النظام البائد عام 1970 م ...

 وأنه كتب هذا الكتاب منذ بضع سنوات كمادة جديدة ليتم تقديمه في مؤتمر عقد في لندن قبل سنوات برعاية المرجعية الدينية العليا..

وأنه قد تناول في كتابه مواضيع ترتبط بالامام الحسين عليه السلام وبكربلاء بأسلوب وثائقي يتناول الأوائل من كل ما يرتبط بهاذين العنوانين .. الحسين وكربلاء

أول من بكى.. أول من استشهد.. اول من بنى .. اول من زار.. أول من دفن.... وهكذا من ذاك الزمن الى عصرنا الحاضر..

وأردف قائلا.. جئت لزيارة ابنك لموضوع بحث علمي احتجت فيه الى مساعدته..

فوصلت الى ما يرتبط بدماء كربلاء ونحن على أبواب عاشوراء..

قلت له سأضيف لك بعض العناوين الأولى ..

وحدثته عن أول مجلس عزاء يقام في معتقل انصار في العام 1984 م ..

في فترة اعتقالنا لدى قوات الاحتلال الاسرئيلي في جنوب لبنان، وعما احتفظ به من مواد وذكريات ترتبط بتلك المناسبة الأولى من نوعها...

قال .. يا حبذا لو تضاف هذه القصة الى الكتاب..

بلا تردد أجبته ...سأنقل هذا الكتاب معي الى سماحة الأمين العام للعتبة الحسينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي وأعتقد أنه سيوافق على تبني طباعة هذا الكتاب باسم العتبة الحسينية فيما لو كان مستوفياً للمواصفات الأساسية..

وحينها فأنا على استعداد لكتابة تقديم له انشاء الله..

سلمني نسخة الكتاب وغادر مودعا..

ورحت استعرض ما حدث.. واستذكر قصة تلك القصيدة

فهل من ترابط بين الموضوعين؟ وهل اكتب ذلك؟

وفتحت المصحف الشريف فكانت الاية الكريمة .. 

 وَ هُدُوا إِلَى‏ الطَّيِّبِ‏ مِنَ‏ الْقَوْلِ وَ هُدُوا إِلى‏ صِراطِ الْحَمِيد..

صدق الله العلي العظيم

 


  • المصدر : http://www.kitabati.net/subject.php?id=164
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28