
السؤال: هل توقف برنامج أئمة الهدى؟
سؤال يختصر مجموعة أسئلة وصلتني خلال الفترة الماضية عبر عدد من الرسائل، والاتصالات من المتابعين الدائمين لبرنامج أئمة الهدى على قناة كربلاء الفضائية،
سواء كانوا من المتابعين القدامى للبرنامج والذين رافقونا طوال أربعة عشر سنة، أو من المتابعين الجدد للبرنامج من خلال البث التلفزيوني او عبر شبكات ومواقع الانترنت،
ومن أكثر من مكان في العالم، من العراق ولبنان والسعودية ودول الخليج، إضافة الى المغرب العربي، وأميركا وعدد من الدول الأوروبية..
وقد تعددت الأسئلة والاستفسارات وأبرزها عن سبب الانقطاع المتكرر لحلقات البرنامج، خاصة في العام الحالي الذي سجل أعلى نسبة توقف غير معتادة نسبة الى السنوات السابقة.
وكان من آخر الأسئلة التي وصلت مؤخرا: هل أنكم توقفتم عن تقديم البرنامج؟
نأمل ألا نُحرم من الفوائد التي نحصل عليها من خلال هذا البرنامج الغني بمواده؟
ونظرا لكثرة تلك الأسئلة وأهميتها وتنوعها وعدم إمكانية تجاهلها ومضي ثلاثة أسابيع على الانقطاع دون أن تتضح الامور فقد صار لزاما عليّ أن أنشر جوابا توضيحيا مختصرا على بعض ما ورد في تلك الرسائل بما يسمح به المقام مع تقديم وتمهيد.
الجواب:
أولا: في البداية أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لجميع الأعزاء من المتابعين والمتابعات لبرنامج أئمة الهدى من شتى الأقطار، والذين طالما استفسروا عند كل غياب عن حلقة من حلقات البرنامج، وكثيرا ما شكى بعضهم معاتبا من تغيير موعد البث الأصلي الذي كان في الثامنة من مساء كل اربعاء الى الرابعة عصرا، وشكى ا لاكثر من عدم انتظام مواعيد الإعادة طوال سنوات، دون أن يحصل حل لهذه الشكاوى والتي كانت تبث أحيانا على الهواء، ومع ذلك فقد استمروا بالمتابعة والتواصل وفق الوسائل المتاحة .
ثانيا: أود أيضا تعريف البعض ممن لم يتسنّ لهم الاطلاع الكامل على موضوع البرنامج وتاريخه ومساره بالقول: إن موضوع برنامج أئمة الهدى هو آية واحدة من كتاب الله تعالى وهي قوله عزوجل : يا أيها الذين آمنوا َ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم.
وقد تحدثت عن هذه الآية طوال 14 سنة ضمن بحث علمي وتاريخي وعقائدي وتفسيري استنادا الى مصادر المسلمين في مسعى لبيان المعنى الحقيقي والمصداق الابرز الذي تنطبق عليه الصفات المطلوبة في شخص ( أُولِي الْأَمْرِ) الذي تحدثت عنهم الآية الكريمة وهم الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله. ولم نستوف في بحثنا كل ما يرتبط بهذه الآية العظيمة.
ثالثا: أحمد الله تعالى أنني قد تلمست بعض ثمرات هذا البحث المعمق، هدايةً للعشرات ممن اهتدوا الى طريق أئمة الهدى، وتواصلوا معي بطريقة مباشرة او غير مباشرة، ومنهم من كانوا علماء معاندين، او كانوا ذوي مكانة اجتماعية او ثقافية، وظهرت لبعضهم ثمرات علمية بتأليفهم بعض الكتب المهمة، بعد أن اتضحت امامهم الحقيقة واستناروا بنور الهداية الالهية.
وهو ما اعتبره رصيدا لي عند علام الغيوب الذي أدعوه ان يتقبل هذا العمل بأحسن القبول. وأسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام في الحديث المجمع عليه بين جميع المسلمين: فواللهِ لأنْ يَهْديَ اللهُ بكَ رَجلًا واحِدًا ، خَيرٌ لكَ مِن أنْ يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ، وفي نص آخر: يا علي .. وأيم الله لان يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت.
رابعا: بلغ عدد حلقات برنامج أئمة الهدى منذ انطلاقته في كربلاء المقدسة كبرنامج حواري في الحلقة الأولى مع المحاور المقدم (المرحوم فلاح البياتي أبو آمنة)، والذي رافقنا على مدى 13 حلقة وبعدها تحول البرنامج من الحلقة 15 الى برنامج فردي، أقوم بإعداده وتقديمه من حرم سيد الشهداء مرورا بقم المشرفة وبيروت، مع حلقات محدودة من مشهد المقدسة الى ان استقر البث في السنوات الأخيرة من بلدة أنصار ( جبل عامل -جنوب لبنان) وحتى آخر حلقة تم بثها في 8 تشرين اول 2025 و حملت الرقم 574 وعنوانها المنقبة الخاصة الثامنة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي عن العلم الخاص الذي علمه النبي (ص) لعلي (ع) حيث قال: عَلَّمَنِي أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ يَفْتَحُ كُلُّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ وَ لَمْ يُعَلِّمْ ذَلِكَ أَحَداً غَيْرِي.
رابعا: عن البرنامج، فإنه بالنسبة لي شخصيا فإنني ومنذ انطلاق الحلقة الأولى من البرنامج في ذكرى شهادة الزهراء عليها السلام في 3 جماد الثاني من العام 1433 من استديو قناة كربلاء الفضائية في حرم الامام الحسين عليه السلام.. فإنني لم انقطع عن تقديمه يوما واحدا مهما كانت الظروف الخاصة، وعندما كان يتعذر البث المباشر فنيا فإنني كنت أقوم بتقديم حلقات تسجيلية بما يتلاءم مع برامج سفري الدائم الى ان حصل الاستقرار الدائم في بلدتنا أنصار والذي ترافق مع أزمة كورونا العالمية.
خامسا: بعد الاستقرار الدائم في لبنان والذي أملته الظروف العامة والخاصة، وبهدف تخفيف الكلفة المادية التي كانت تترتب على قناة كربلاء نتيجة استئجارهم لاستديو خاص في بيروت لتغطية بعض الحلقات رغم وجود كادر فني تابع للقناة يمكنه القيام بالعمل المطلوب،
فقد قمت منذ سنوات ولتاريخه بتقديم المكان المناسب في انصار ليستخدم استديو للبث المباشر او لتسجيل حلقات لبرامج أخرى، دون ان تتحمل قناة كربلاء أية اعباء مادية.
وزيادة في التوفير ولرفع مستوى الجودة الفنية، فقد ابتدأ البث المباشر عبر الانترنت من خلال الكادر الفني المشار اليه من مكتب لبنان، بدل البث المكلف ماديا عبر تقنية SNG.
ولم نتوقف قسرا سوى في فترة اشتداد الحرب على لبنان في السنة الماضية لفترة شهرين ونيف.
سادسا: من الناحية الفنية والإدارية، قامت إدارة القناة بإجراء بعض التغييرات الإدارية في عمل الكادر في لبنان في مرحلة سابقة وقد استمر العمل بعدها بالحد المقبول، الى أن حصل تغيير آخر في شهر آب الماضي أدى الى اضطراب في أمور الكادر الاداري الخاص بالقناة.
وقد اتضح ان الأمور سائرة نحو المزيد من الاضطراب والخلل خاصة بعد تكليف احدى السيدات بمهام تنسيق الأمور، والتي لم تستطع القيام بذلك فزادت الأمور اضطرابا...
وكانت النتيجة ان تحقق مضمون الحديث النبوي الشريف الذي حذر فيه الناس قائلا. (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً* لَا أَفْلَحَ قَوْمٌ تُدَبِّرُهُمْ امْرَأَة).
سابعا: لمعالجة هذا الاضطراب الذي كان واضحا لدى إدارة القناة في كربلاء، فقد نقلت اليهم اقتراحا تقدم به أحد الكوادر الفنيين الذي عمل سابقا مع القناة بأنه على استعداد لكي يقوم تطوعا بما هو مطلوب فنيا بهدف استمرار بث البرنامج لما كان يتلمسه شخصيا في البرنامج من فائدة، ولم يكن بحاجة الى أي من الموظفين، ودون أن يتقاضى أي مقابل مادي.
ولكن لم تحصل الموافقة على هذا العرض لأسباب خاصة بالإدارة.
ثامنا: تبلغت في شهر أيلول الفائت من المسؤول الإداري في كربلاء انهم بصدد نقل الاستديو الى بيروت، وقد تم تبرير ذلك بالقول انه يهدف الى خفض المصاريف المادية!! علما أنها كانت صفر، ومع ذلك فلم أبد اعتراضا، لتصوري انهم ربما يسعون لتطوير العمل نحو الأفضل خاصة واننا على وشك الدخول في السنة الخامسة عشر من عمر البرنامج..
مع علمي بأنه لا يوجد هناك مكتب لقناة كربلاء في بيروت ومع ذلك فقد اكتفيت بالقول للمسؤول الإداري في كربلاء: المهم أن يكون المكان مناسبا.
ولكن المفاجأة كانت بالنسبة لي بعد اطلاعي التفصيلي على الكثير مما يرتبط بذلك المكان، وأنه غير مناسب على الاطلاق لعشرة أسباب متعددة متعددة، مع كونه ليس مكانا خاصا لقناة كربلاء، وقد اختصرت جميع الأسباب العشرة الموضوعية بعبارة واحدة وجهتها للمسؤول الإداري في كربلاء بتاريخ 21 تشرين اول وهي: أن المكان غير مناسب لكم ولي.... وبالتالي فأنا لا يمكنني ان ادخل اليه ابدا، هذا عدا عن اعتراض المخرج والمصور على ذاك المكان.
لذا أقول للمتابعين الكرام ..
· بالنسبة لموضوع انقطاع حلقات البرنامج فهو عائد لإدارة قناة كربلاء.. وليس عندي.
· لحد الان فإني لم أبلغ بأي قرار، ولا أعلم هل يرغبون باستمرار البرنامج وتصحيح عناصر الخلل الحاصل، ام يرغبون في إيقاف البرنامج؟
· وبالنسبة لي فقد أديت تكليفي ولا أزال وفق ما استطيع ، وما قمت به وما قدمته ما هو الا تقرب الى الله تعالى ، ويبقى على الأخرين القيام بتكليفهم.
وأختم كلامي بما سبق و قلته في الحلقات الأولى من البرنامج من ان موضوعه وهو الآية الكريمة يا أيها الذين آمنوا َ أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم.. ينعكس على حياتنا كمسلمين في جميع العصور، وأن الفهم الخاطئ والتفسير المغلوط لهذه الآية كان سببا أساسيا في كثير من عناصر الخلل التي وقعت فيه الامة التي نمت على أطرافها جحافل الانحراف الذي أفرز اجراما وانحرافا وقتلا وتشريدا باسم الإسلام وكل يدعي انه مصداق اولي الامر، فوقعت الامة عبر الزمن ولا زالت، في فتن عمياء ،
وقد كنا في بحثنا نسعى لكي نبين للجميع وبالدليل أن مفاتيح هداية البشرية واستقامتها هي في نهج أئمة الهدى عليهم السلام. وهم علي وأهل بيته الطاهرين.
نسأل الله التسديد والقبول.
انصار، جبل عامل
مساء السبت 1-11-2025
الموافق: 10 جمادي الأولى 1447
مصطفى مصري العاملي