• الموقع : كتاباتي- صفحة الشيخ مصطفى مصري العاملي .
        • القسم الرئيسي : كتاباتي .
              • القسم الفرعي : هذه الصفحات .
                    • الموضوع : وتمضي السنون ... الطفل صار جدا .

وتمضي السنون ... الطفل صار جدا

            وتمضي السنون ... الطفل صار جدا

في الاول من شهر أيار من عام 2005 أي في مثل هذا اليوم وقبل عام من الزمن رن جرس الهاتف  من بعيد لأسمع عبر الاثير صوت ابني – صاحب فكرة تأسيس موقع يا حسين، والمصمم الفني له -  يحادثني قائلا : كل عام وانت بخير يا أبي.

ثم يتابع قائلا: آمل أن تدخل الان الى شبكة الانترنت وتقبل مني هذه الهدية..

 دخلت في تلك الساعة الى الشبكة العنكبوتية لأجد تلك الهدية صفحة شخصية تحمل اسمي، وكانت لا تزال قيد الاعداد بانتظار  إبداء الملاحظات  لانجاز التصميم المناسب.

أعجبتني الفكرة وأنا الحريص على تدوين مذكراتي منذ أيام طفولتي عندما كنا لا نزال في النجف الاشرف، ولم يفتني طوال السنوات التي مضت كتابة شيء منها إلا في بعض الايام العصيبة التي لم يكن فيها من مجال لكتابة خاطرة او ذكرى – وما أكثرها - ، فقررت أن تكون هذه الصفحة جزءا من خاطراتي و  اخترت لها عنوان  كتـابـاتـي.

مضت أشهر ثمانية قبل أن يعاد النظر في تصميم تلك الصفحة لينسجم مع ما فكرت به الى أن بدأت أنشر فيها بين الحين والاخر موضوعا حسبما يسمح به الوقت.

اليوم وبعد سنة من ذاك التاريخ يرن الهاتف مجددا وليكرر ابني نفس عبارة السنة الماضية :

 كل عام وانت بخير يا أبي.

 ويضيف اليها بشارة أخرى من نوع آخر.

لقد صرتُ جدا لطفل رابع جده رسول الله وجدته الزهراء البتول.

لقد رزق الله السيد نصرات اليوم مولودا جديدا في يوم ولادتي.

يا لها من فرحة ..

وذهبت بي الذكرى بعيدا.

هذا هو الطفل الذي كان يحتفل بعيد ميلاده على طريقته الخاصة أيام النجف وقد حفرت في ذاكرته بعض الحوادث . ها هو اليوم غدا جدا لطفل رابع.

يا الهي... أي نعمة أنعمتها علي؟

بالامس كنت أزين الدار لنفسي واشتري جوز الهند واقطعه قطعا صغيرة كما كان يباع في أزقة النجف الاشرف في ذاك الزمن، وأقدمه للضيوف.

كنت أحب جوز الهند ولذا اخترته مضافة في اكثر من سنة يوم ميلادي.

و أتذكر أن أحدهم تناول يوما قطعة من جوز الهند وتململ في كلامه ، وكأنه لم يكن مرتاحا لهكذا ذكريات.. وحاول أن يبرر ذلك بالقول إن في هذا تقليدا للآخرين..

فتح هذا التململ آفاقا من التفكير أمامي ورحت أسعى لأفهم كيف يفكر الاخرون

عجبا قلت في نفسي يومها!!

 إذ لم أجد الجواب الذي يروي عطشي نحو المعرفة.

و مرت سنوات ليزول هذا التعجب الذي راودني.

 لقد زال بعد سنوات عندما صرت أسمع من يقول إن هذه بدع، بل وأكثر من ذلك وصل الامر الى حد تكفير من لا يعتقد بحرمتها.

ما أهون التكفير في هذا الزمن الردئ!!

ولكن ما ذنب الزمان لكي أصفه بأنه ردئ!!

لقد قال أمير المؤمنين عليه السلام يوما وَ قَدْ سَمِعَ رَجُلًا يَذُمُّ الدُّنْيَا:

 أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا الْمَخْدُوعُ بِأَبَاطِيلِهَا أَ تَغْتَرُّ بِالدُّنْيَا ثُمَّ تَذُمُّهَا؟

 أَنْتَ الْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا أَمْ هِيَ الْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ؟

 مَتَى اسْتَهْوَتْكَ أَمْ مَتَى غَرَّتْكَ؟ أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ الْبِلَى؟ أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى؟

 كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ؟ وَ كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ؟ تَبْتَغِي لَهُمُ الشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ غَدَاةَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ دَوَاؤُكَ وَ لَا يُجْدِي عَلَيْهِمْ بُكَاؤُكَ.

 لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ وَ لَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِطَلِبَتِكَ وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ وَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ الدُّنْيَا نَفْسَكَ وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ.

 إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا، وَ دَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَ دَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا، وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا، مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ، وَ مُصَلَّى مَلَائِكَةِ اللَّهِ، وَ مَهْبِطُ وَحْيِ اللَّهِ، وَ مَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ، وَ رَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ.

فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا؟ وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا وَ نَادَتْ بِفِرَاقِهَا، وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا، فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلَائِهَا الْبَلَاءَ وَ شَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ، رَاحَتْ بِعَافِيَةٍ، وَ ابْتَكَرَتْ بِفَجِيعَةٍ، تَرْغِيباً وَ تَرْهِيباً وَ تَخْوِيفاً وَ تَحْذِيراً، فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ النَّدَامَةِ، وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 ذَكَّرَتْهُمُ الدُّنْيَا فَتَذَكَّرُوا وَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا.

ليست الرداءة من الزمان الذي نعيشه، بل الرداءة في ذاك المنهج من التفكير الذي يسلب من الفرد عقله وفكره ودينه وهو قائم يصلي.

لا يلام من أثملته الكأس ، فذا قد اختار طريق الهروب من انسانيته.

ولا يلام من أنكر الدين فذاك ملحد يعيش ليومه.

ولا يلام من لم يلتزم بتعاليم الرسالات فذاك جذبه بريق الدنيا ولذاتها.

إن ما يحزن في الامر هو اولئك الذين حولهم الشيطان الى قنابل بشرية موقوتة تتفجر لتفجر معها كل البريق الذي تهفو نحوه البشرية.

بالامس القريب وقبل اسابيع ثلاثة سمع العالم بعمليات انتحارية في ذكرى ولادة الرسول الأعظم (ص) في حفل كان يقيمه مسلمون ، يحتفلون في تلك الذكرى ، ولم يكن هؤلاء المسلمون من الشيعة كي يحكم عليهم بإباحة دمهم ومالهم وعرضهم كما يحصل في العراق، بل كانوا من أبناء السنة ، ولكن مشكلتهم أنهم  ليسوا من أتباع بن تيمية الحراني، ولا من أتباع أتباعه.

لذا فقد تقرب المتقربون الى الله بقتلهم لعباد الله لانهم يحتفلون بذكرى ولادة رسول الله.

وتمضي السنون..فماذا سترينا الايام من عجائب خلق الله!!

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين. 


  • المصدر : http://www.kitabati.net/subject.php?id=47
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2006 / 05 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29